يشكّل التوقيع على اتفاق التعاون العسكري والتقني بين الجزائر وبيلاروسيا خطوة جديدة ضمن مسار تعزيز الشراكات الاستراتيجية التي تربط البلدين، حيث وقع الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، إلى جانب وزير الدولة البيلاروسي للصناعة العسكرية ديميتري بانتوس، اتفاقاً يفتح المجال أمام تعاون أوسع في مجالات الدفاع والتقنيات المرتبطة به، في لحظة تعكس اهتماما متبادلاً بتطوير العلاقات الثنائية على مستوى حساس وذي طابع استراتيجي.
يمثل هذا الاتفاق امتداداً لمسار متقدم في العلاقات الجزائرية–البيلاروسية، خصوصاً في ظل زيارة الرئيس البيلاروسي إلى الجزائر وتوقيع مجموعة واسعة من الاتفاقيات الثنائية.
وتندرج الوثيقة العسكرية الموقعة ضمن رؤية واضحة لدى البلدين لتعميق التعاون في القطاعات التي تتطلب كفاءة تقنية وتبادلاً للخبرات، إذ جاء توقيعها في مقر رئاسة الجمهورية بعد محادثات رسمية بين رئيسي الدولتين، ما يمنحها طابعاً سيادياً ويؤكد وزن هذا المجال ضمن أجندة الشراكة المشتركة.
من جهة أخرى، يعكس الاتفاق رغبة الجزائر في تعزيز قدرات قطاعها الدفاعي ضمن أطر قانونية واضحة وتعاون مؤسسي مع دول تمتلك خبرة صناعية وتقنية في المجال العسكري.
ويأتي هذا النوع من الاتفاقات عادة ليدعم مجالات مثل تطوير العتاد، أو تبادل الخبرات الفنية، أو تحديث الأنظمة التقنية، دون الكشف عن تفاصيل محددة، وهو ما يجعل الاتفاق إطاراً عاماً يتيح للجانبين العمل على برامج مستقبلية وفق احتياجاتهما المشتركة.
ويدخل هذا التعاون ضمن سياسة الجزائر الثابتة في تنويع شراكاتها الدفاعية مع دول مختلفة، بما يحافظ على استقلالية القرار الوطني ويمنح المؤسسات العسكرية هامشاً أكبر للاستفادة من تجارب متعددة.
كما يندرج في سياق الطابع المؤسساتي الذي تتبناه الجزائر في علاقاتها الدولية، حيث تُوقّع الاتفاقات الدفاعية ضمن مسارات رسمية، تراعي القانون الدولي وتستند إلى مبدأ الاحترام المتبادل والسيادة الوطنية.
أما بالنسبة لبيلاروسيا، فإن التعاون في الصناعة العسكرية يمثل أحد أهم مجالات حضورها الخارجي، بحكم امتلاكها قاعدة صناعية متطورة في هذا القطاع.
وتتيح هذه الشراكات للجانب البيلاروسي تعزيز مكانته في التعاون العسكري الدولي، فيما تستفيد الجزائر من الخبرات التقنية التي يمكن أن توفرها مثل هذه الاتفاقات، بما ينسجم مع توجهها نحو دعم قدراتها الذاتية واستمرار تحديث منظومتها الدفاعية وفق معايير عصرية ومتطورة.



