بعد أربعة أيام من انعقاد المنتدى الاقتصادي الجزائري–الكوري، تتضح ملامح مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وسيول، عنوانها: نقل التكنولوجيا لا الاكتفاء بالتجارة.
فقد شكّل المنتدى، الذي نظمته سفارة كوريا الجنوبية بالتنسيق مع وكالة “KOTRA”، نقطة انطلاق لتعاون صناعي يضع الجزائر على خريطة التصنيع الآسيوي المتقدم، من خلال مشاريع موجهة للإلكترونيات، والطاقات المتجددة، والصناعات التحويلية.
وأكد المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، عمر ركاش، أن بلاده تسعى إلى استقطاب الخبرة الكورية في مجالات التصنيع الذكي والمعدات الصناعية، مع تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين الجزائر و“KOTRA” لتبادل البيانات وتسهيل إقامة شراكات مباشرة بين المؤسسات. وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية حكومية ترمي إلى تقليص الواردات وتنويع مصادر الإنتاج الوطني.
من جهته، أشاد السفير الكوري يو كي جون بالإصلاحات الاقتصادية الجارية في الجزائر، معتبرًا أنها فتحت الباب أمام نموذج تعاون صناعي متكامل قادر على خلق القيمة المضافة داخل السوق المحلية. كما عبّر عن استعداد بلاده لمرافقة المؤسسات الجزائرية في مشاريع مشتركة تشمل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء.
المنتدى لم يكن مجرد لقاء اقتصادي، بل إشارة واضحة إلى أن التحول الصناعي في الجزائر يسير بخطى متسارعة نحو الشراكة التكنولوجية، مستفيدًا من التجربة الكورية التي تحوّلت في أقل من نصف قرن من اقتصاد نامٍ إلى قوة صناعية عالمية.
ويرى مراقبون أن هذا التقارب قد يشكل نقطة انعطاف حقيقية في مسار التصنيع الوطني، إذ يمكن أن يضع الجزائر ضمن دائرة الابتكار الصناعي في إفريقيا، ويمنحها موقعًا تنافسيًا في إنتاج المكونات الإلكترونية ومعدات الطاقة المتجددة.
وبين طموح الجزائر لتنويع اقتصادها، واستعداد كوريا لتوسيع حضورها في إفريقيا، يبدو أن التحالف الصناعي بين البلدين يتهيأ ليكون أحد أبرز رهانات 2026، حيث تلتقي التكنولوجيا بالفرصة في أرضٍ تسعى لاستعادة مكانتها كقوة إنتاجية إقليمية.



