المعادن النادرة.. كنوز الجزائر المنسية تعود للواجهة بشراكة مع الصين

المجهر طاقة ومناجم

في ظل التحولات العالمية التي جعلت من المعادن النادرة أحد مفاتيح التفوق التكنولوجي والطاقوي، تبرز الجزائر كوجهة واعدة بفضل احتياطاتها غير المستغلة في هذا المجال.

اللقاء الأخير الذي جمع وزير الدولة، وزير المحروقات والمناجم، محمد عرقاب، مع السفير الصيني لدى الجزائر، دونغ غوانقلي، كان محطة كشفت عن نية الطرفين في بناء تعاون استراتيجي عميق يتمحور حول هذه الثروات الاستراتيجية التي تصفها الدوائر الاقتصادية بـ”نفط المستقبل”.

ثروات منسية تتحول إلى ورقة استراتيجية

لطالما ارتبطت صورة الجزائر بالمحروقات، لكن باطن أرضها يخفي إمكانيات هائلة من المعادن النادرة على غرار الذهب، المنغنيز، الباريت، والمعادن الإستراتيجية المستخدمة في الصناعات المتقدمة.

هذه الموارد لم تُستغل بعد بالشكل الكافي، لكنها الآن تحظى باهتمام مضاعف من السلطات العليا التي تسعى إلى تحويلها إلى أداة لتعزيز الأمن الاقتصادي والسيادي.

الصين، التي تُعد المستهلك الأكبر لهذه المعادن في العالم، رأت في الجزائر فرصة مثالية لتأمين جزء من احتياجاتها المستقبلية، خاصة في الصناعات المرتبطة بالطاقة النظيفة والرقائق الإلكترونية، وهو ما يجعل هذه الشراكة مرشحة لتصبح واحدة من أكثر التحالفات المنجمية تأثيراً في القارة الإفريقية.

إصلاحات قانونية لاستقطاب الاستثمارات

أوضح الوزير محمد عرقاب خلال اللقاء أن الجزائر وضعت إطاراً قانونياً جديداً يضمن كل الضمانات للمستثمرين في قطاع المناجم، بهدف تسهيل الشراكات وتحويل المشاريع إلى حقائق اقتصادية ملموسة.

هذه الإصلاحات تندرج ضمن خطة أوسع لتنويع الاقتصاد وتقليص التبعية للمحروقات، في وقت تتجه فيه الأسواق العالمية نحو البحث عن بدائل آمنة ومستقرة لإمدادات المعادن النادرة.

بالنسبة للصين، فإن هذا المناخ الاستثماري الجديد يشكل حافزاً قوياً لدفع شركاتها نحو الدخول في مشاريع استكشاف وتحويل الصناعات المنجمية بالجزائر، خاصة أن بكين تمتلك خبرة تكنولوجية واسعة في هذا المجال.

المعادن النادرة… بوابة نحو الصناعات المستقبلية

ترى الجزائر أن تطوير قطاع المعادن النادرة سيمكنها من ولوج الصناعات المستقبلية التي تتحكم في مسارات الاقتصاد العالمي، من صناعة البطاريات والطاقات المتجددة، إلى تكنولوجيا الاتصالات والفضاء.

هذا البعد الاستراتيجي يجعل التعاون مع الصين يتجاوز الجانب الاقتصادي ليأخذ طابعاً جيوسياسياً، يعزز موقع الجزائر كفاعل أساسي في سلاسل الإمداد العالمية.

الصين من جانبها تعتبر أن الاستثمار في المناجم الجزائرية لا يخدم فقط مصالحها الاقتصادية، بل يعزز شراكة تاريخية مع بلد يشاطرها الرؤية حول بناء نظام اقتصادي عالمي أكثر توازناً، وهو ما يضفي على التعاون بعداً استراتيجياً يتجاوز حدود التجارة ليشمل هندسة النفوذ الدولي.