تصاعد التوتر التجاري بين المغرب ومصر مؤخرًا، بعدما كشفت تقارير إعلامية مصرية عن عراقيل جديدة تفرضها السلطات المغربية على دخول البضائع المصرية، في خطوة تعكس ازدواجية المعايير التي تتعامل بها الرباط مع اتفاقياتها الاقتصادية. ففي الوقت الذي تستفيد فيه الشركات المغربية من التسهيلات التي توفرها اتفاقية أكادير، تواصل المغرب فرض قيود تعسفية على المنتجات المصرية، متجاهلة مبادئ حرية التبادل التجاري التي تروج لها.
المغرب الذي يصدر منتجاته بحرية إلى مصر، وعلى رأسها السيارات، يتذرع بحجج واهية لعرقلة دخول السلع المصرية إلى أسواقه، متجاهلًا التزاماته في إطار اتفاقية أكادير الموقعة عام 2004 بين مصر، المغرب، تونس، والأردن. ورغم أن الاتفاقية تهدف إلى تعزيز التجارة البينية وتسهيل وصول السلع إلى الأسواق الأوروبية، إلا أن الجانب المغربي يحاول دائمًا الالتفاف على روح الاتفاق من خلال فرض إجراءات حمائية على بعض المنتجات المصرية، في محاولة واضحة لحماية صناعاته على حساب الشركاء الإقليميين.
أحمد زكي، الأمين العام لشعبة المصدرين ورئيس لجنة الشؤون الأفريقية بالاتحاد العام للغرف التجارية المصري، أكد أن مصر لا تمنع استيراد السيارات المغربية، لكن المغرب يواصل سياسته في عرقلة دخول المنتجات المصرية، التي تشمل السيراميك، السلع الغذائية، الخضراوات، الفواكه، الحديد، الأسمنت، والأجهزة الكهربائية، بحجج غير واقعية. وأضاف أن الرباط تتعمد استغلال العراقيل الإدارية والبيروقراطية لإضعاف الوجود المصري في السوق المغربية، في الوقت الذي تحظى فيه المنتجات المغربية بتسهيلات داخل السوق المصرية.
من جانبه، أشار شريف البربري، رئيس شعبة المصدرين والمستوردين بغرفة الجيزة التجارية، إلى أن المغرب يفرض قيودًا مشددة على السلع المصرية بدعوى عدم مطابقتها لمواصفات الجودة، رغم أن الشركات المصرية تحترم المعايير الدولية، وهو ما يعكس نوايا غير ودية تجاه الشراكة الاقتصادية. ولم تكن هذه الممارسات جديدة، فقد سبق أن أعلنت وزارة التجارة والصناعة المغربية، في خطوة مثيرة للجدل، فتح تحقيق لمكافحة الإغراق ضد واردات صفائح الصلب المصرية، بناءً على شكاوى مشكوك في صحتها، مما يعكس رغبة المغرب في تقويض المنافسة العادلة لصالح شركاته المحلية.
وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديري لمواد البناء، أوضح أن المغرب أبلغ الجهات المصرية بعزمه فرض رسوم إغراق على الصلب المصري، وهو ما اعتبرته القاهرة تصعيدًا غير مبرر قد يستدعي اتخاذ إجراءات مقابلة. فيما أكد أيمن العشيري، رئيس مجلس إدارة مجموعة “العشري” للصلب، أن السوق المغربية كانت تعتمد على المنتجات المصرية نظرًا لجودتها وتكلفتها المناسبة، لكن التعقيدات المغربية تهدد هذا التعاون لصالح شركاء أوروبيين، ما يكشف عن ازدواجية في السياسات الاقتصادية للرباط.
في ظل هذا التصعيد غير المبرر من الجانب المغربي، تدرس الجهات المصرية اتخاذ خطوات للرد على هذه الممارسات، من بينها فرض إجراءات رقابية مشددة على المنتجات المغربية، خصوصًا في ظل استفادة الرباط من اتفاقية أكادير دون تقديم أي تنازلات مقابلة. كما يطالب بعض المصدرين المصريين بفرض رسوم جمركية على السيارات المغربية، ردًا على العراقيل التي تواجهها الصادرات المصرية.
ورغم هذا التعنت المغربي، تسعى القاهرة إلى احتواء الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية، انطلاقًا من إدراكها لأهمية التعاون الاقتصادي، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 1.3 مليار دولار سنويًا، فيما تعمل نحو 295 شركة مغربية في مصر بحجم استثمارات يصل إلى 230 مليون دولار. ومع ذلك، فإن استمرار الممارسات المغربية التعسفية قد يؤدي إلى تصعيد غير مسبوق، خاصة إذا اضطرت مصر لاتخاذ إجراءات مماثلة لحماية مصالحها التجارية.
حتى الآن، لم تصدر أي ردود رسمية من الرباط حول هذه الأزمة، مما يزيد من الغموض حول نوايا المغرب الحقيقية تجاه التعاون الاقتصادي مع مصر.