زيت الزيتون يتحول إلى “سلعة فاخرة” في المغرب

الحدث

أصبح زيت الزيتون، أحد رموز المطبخ المغربي، سلعة نادرة وصعبة المنال بالنسبة لشرائح واسعة من المواطنين، بعد أن تجاوز سعر اللتر الواحد عتبة 100 درهم في عدة مدن مغربية، ما أثّر على العادات الغذائية وأدى إلى تراجع استهلاكه، خصوصًا في الأوساط محدودة الدخل.

ويعترف العديد من المواطنين، مثل أحد الآباء بحي شعبي في مراكش، بأنهم لم يعودوا قادرين على استخدام زيت الزيتون بسخاء كما في السابق، بعدما تضاعف سعره من 25 درهمًا إلى أكثر من 110 دراهم خلال سنوات قليلة.

ورغم أن المغرب يمتلك ما يفوق 1.24 مليون هكتار من مزارع الزيتون بفضل ظروفه المناخية المثالية، ويخصص قرابة 90% من إنتاجه لاستخراج الزيت، فإن تزايد الطلب الدولي، لا سيما من السوق الأوروبية، ساهم في ندرة هذه المادة محليًا. وتُصدّر كميات مهمة من زيت الزيتون المغربي إلى دول كإسبانيا، التي تستخدمه في تحسين مذاق إنتاجها المحلي، ما يمنح ميزة للمصدرين، لكنه يُثقل كاهل المستهلك المغربي.

ويأتي هذا في وقتٍ توسّعت فيه المساحات المزروعة بنسبة 60% منذ 2010، في حين تراجع الإنتاج بنسبة 13% لموسم 2024-2025، مسجلاً 945 ألف طن مقارنة بـ1.07 مليون طن في الموسم الماضي، ونحو مليوني طن قبل عامين. ويرجع هذا الانخفاض إلى موجات الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة خلال فترات التزهير، واللجوء إلى أنواع زيتون أجنبية ذات إنتاجية سريعة ولكن بجودة أقل.

وتستمر المفارقة مع تصدير 841 طنًا من زيت الزيتون نحو الاتحاد الأوروبي بين أكتوبر ونوفمبر 2024، في ظل تراجع العرض المحلي، مما أثار انتقادات واسعة ودفع الحكومة إلى التدخل عبر تدابير مؤقتة، شملت إلزامية الترخيص المسبق لتصدير زيت الزيتون إلى غاية 31 ديسمبر 2024 وتعليق الرسوم الجمركية على استيراد 10 آلاف طن من الزيت إلى نهاية 2024 وإعفاء ضريبي كامل على 20 ألف طن من الواردات إلى نهاية 2025.

غير أن هذه الإجراءات وُصفت من قبل خبراء بأنها غير كافية لمعالجة أزمة الأسعار أو لتخفيف الضغط على المستهلكين، حيث اعتبروا أنها تكشف عن هشاشة التوجه الزراعي الذي يطغى عليه منطق التصدير على حساب الأمن الغذائي المحلي.

ويطالب العديد من المختصين بتخصيص حصة من الإنتاج للسوق الوطنية، أو اعتماد آلية دعم مباشر للأسر ذات الدخل المحدود، لضمان بقاء زيت الزيتون في متناول الجميع، وعدم تحوله إلى “منتج فاخر” يحرم منه المواطن البسيط.