تتحرك العواصم الأوروبية الثلاث برلين وروما وفيينا بشكل متسارع لدفع مشروع أنبوب SoutH2 إلى مرحلة التنفيذ، في وقت تتزايد فيه حاجة أوروبا إلى مصادر طاقة نظيفة ومستقرة.
شهدت العاصمة النمساوية فيينا قبل أيام اجتماعاً موسعاً جمع وزراء الطاقة وشركات النقل الطاقوي من الدول الأوروبية المعنية، لبحث آليات تسريع إنجاز هذا الممر الضخم الذي سيمتد على طول 3300 كيلومتر ليربط الجزائر وتونس بإيطاليا والنمسا وألمانيا، بهدف نقل الهيدروجين المتجدد نحو أهم الأقطاب الصناعية الأوروبية بأسعار تنافسية.
البيان الختامي للاجتماع السادس لمجموعة العمل الخاصة بالمشروع كشف عن تقدم معتبر في مسار التنسيق التقني والتنظيمي، مؤكداً التزام الدول والشركات الأوروبية بالمضي قدماً في إنجاز هذا الأنبوب باعتباره عنصراً محورياً لأمن أوروبا الطاقوي.
ووفق المجتمعين، يُنتظر أن يضمن SoutH2 لوحده نقل أكثر من 40% من هدف أوروبا لاستيراد الهيدروجين وفق برنامج REPowerEU، مستفيداً من جزء كبير من البنية التحتية الحالية للغاز الطبيعي، بما يقلل التكاليف ويسرّع عملية الانتقال الطاقوي.
التحركات الأوروبية لا تقتصر على الجانب التقني، بل تشمل أيضاً تهيئة الإطار التنظيمي الذي سيُبنى عليه سوق الهيدروجين في القارة خلال السنوات المقبلة، بهدف طمأنة المستثمرين وتحفيز ضخ رؤوس الأموال في مجالات الإنتاج والنقل.
ويؤكد المشاركون أن تحسين الأنظمة القانونية وتوحيدها بين الدول يعد شرطاً أساسياً قبل إطلاق الأشغال الميدانية، لضمان انسجام القواعد التنظيمية العابرة للحدود.
ويقود المشروع على الجانب الأوروبي ائتلاف يضم شركات كبرى مثل Snam الإيطالية، وTrans Austria Gasleitung وGas Connect Austria من النمسا، وBayernets الألمانية، وهي الشركات التي كانت وراء إدراج المشروع في قائمة الأولويات الأوروبية.
وكانت Snam قد أعلنت في يونيو الماضي حصولها على تمويل أوروبي بقيمة 24 مليون يورو موجه لدراسات الجدوى والمسح الميداني، ضمن استثمار إجمالي يناهز 48 مليون يورو.
ووفق الخبراء الأوروبيين، يمثل SoutH2 أحد أكثر المشاريع الاستراتيجية للقارة خلال العقد القادم، باعتباره الحل الأكثر واقعية لتأمين احتياجات الصناعات الثقيلة من الهيدروجين الأخضر، في مرحلة يتزايد فيها الضغط على أوروبا لتسريع إزالة الكربون وتعزيز استقلالها الطاقوي.



