حصلت الجزائر على تمويل بقيمة 747 مليون يورو من البنك الإفريقي للتنمية لتجسيد الشطر الأول من مشروع خط السكة الحديدية الأغواط–غرداية–المنيعة، في إطار المشروع الاستراتيجي الضخم الذي يربط الجزائر العاصمة بتمنراست عبر شبكة سككية يتجاوز طولها 2000 كيلومتر.
وأعلن البنك الإفريقي للتنمية، يوم الجمعة، مصادقة مجلس إدارته على هذا التمويل الموجّه لإنجاز مقطع بطول 495 كيلومتراً، ما يشكّل دفعة قوية لمسار أحد أكبر مشاريع البنية التحتية في البلاد.
ويأتي هذا التمويل في سياق استثمار طويل المدى يعكس ثقة مؤسسة مالية قارية كبرى في الرؤية التنموية الجزائرية، خصوصاً في مجال تطوير البنى التحتية القاعدية.
كما يندرج ضمن توجه وطني يراهن على السكك الحديدية كخيار استراتيجي لفك العزلة عن ولايات الجنوب وربطها بالشمال، عبر منظومة نقل حديثة وفعالة مخصصة لنقل المسافرين والبضائع، بما يعزز الاندماج الاقتصادي والجغرافي للبلاد.
ويمثل هذا التطور محطة مفصلية في مسار مشروع قطار الجزائر–تمنراست، الذي يُعد أحد أعمدة التحول الاقتصادي الوطني.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أكد خلال زيارة إلى ولاية بشار في 24 أفريل الماضي أن القطار سيصل إلى تمنراست في أجل أقصاه سنة 2028، في إشارة إلى الإرادة السياسية الواضحة لتسريع وتيرة إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي.
وفي الإطار التنظيمي، صدر خلال شهر أوت الماضي مرسوم تنفيذي في الجريدة الرسمية يقضي بالتصريح بالمنفعة العمومية لمساحة إجمالية تُقدّر بـ 3019 هكتاراً، خُصصت لإنجاز مقطعين من الخط بين الأغواط والمنيعة مروراً بغرداية، ما مهّد عملياً لانطلاق الأشغال الميدانية.
ويمتد مشروع خط الأغواط–المنيعة عبر غرداية على مسافة 495 كيلومتراً، ويشمل إنجاز بنية تحتية معقدة تضم 27 جسراً علوياً، و52 منشأة فنية سككية، و21 منشأة فنية طرقية، إضافة إلى نفق واحد، وممرات للأنابيب، و58 ممراً لخطوط الأنابيب، فضلاً عن ست محطات تقاطع وثماني محطات للمسافرين، ما يعكس الحجم الهندسي والاقتصادي الكبير لهذا المشروع.
وأوضح البنك الإفريقي للتنمية أن هذا الاستثمار يشمل أيضاً إدماج تجهيزات سككية حديثة، واعتماد أنظمة أمان وإشارات من الجيل الجديد، إلى جانب تهيئة فضاءات اقتصادية واجتماعية موجهة للشباب والنساء والفاعلين المحليين، مع توفير الشروط التقنية والتشغيلية الضرورية لتوسيع الشبكة مستقبلاً.
ويأتي هذا التمويل في إطار رؤية التحول الوطني التي تعتمدها الجزائر، والتي تعتبر تطوير شبكة السكك الحديدية رافعة أساسية للتنويع الاقتصادي وتقليص الفوارق الجهوية، فضلاً عن دعم الانتقال نحو أنماط نقل أكثر استدامة.
ويُعد خط الجزائر–تمنراست، الممتد على طول 2023 كيلومتراً، أكبر مشروع بنية تحتية في البلاد، حيث دخل مقطعان منه حيز الخدمة، الأول يربط الجزائر العاصمة بالبليدة، والثاني يربط بوغزول بالأغواط.
وبالتوازي مع هذا المشروع، تواصل الجزائر تجسيد خطوط سككية كبرى أخرى، من بينها خط غار جبيلات–بشار بطول 950 كيلومتراً، الممول من ميزانية الدولة، والذي يُنتظر استلامه قبل نهاية 2025، إضافة إلى خط بلاد الحدبة–عنابة بطول 450 كيلومتراً.
وفي هذا السياق، تسعى الجزائر إلى رفع طول شبكتها الوطنية للسكك الحديدية إلى 6800 كيلومتر في أفق 2027، مقابل نحو 4700 كيلومتر حالياً، في خطوة تعكس توجهاً استراتيجياً يجعل من النقل السككي قاطرة حقيقية للتنمية الشاملة.



