التضخم في الجزائر يهبط إلى أدنى مستوياته منذ سنوات

مال وبنوك

تراجع معدل التضخم في الجزائر إلى مستويات لافتة خلال سنة 2024، حيث انخفض من 7.18% في 2023 إلى 4.4%، وهو ما اعتبره خبراء مؤشراً إيجابياً على استقرار نسبي في الأسعار وقدرة السياسات النقدية على التحكم في الضغوط التضخمية التي ميزت السنوات الماضية.

هذا التطور يعكس جزئياً تحسن بعض العوامل الداخلية، مثل انتظام التموين بالمواد الأساسية وتراجع حدة الاضطرابات في سلاسل التوريد.

ورغم هذا المؤشر الإيجابي، أظهر تقرير بنك الجزائر أن ميزان المدفوعات، الذي عرف فائضاً لسنوات 2022 و2023، سجل في 2024 عجزاً طفيفاً بلغ 0.498 مليار دولار. ورغم تواضع الرقم، إلا أنه يعد مؤشراً على تغير في مسار التوازنات الخارجية التي استفادت سابقاً من ارتفاع عائدات المحروقات.

وعزت المؤسسة النقدية هذا العجز إلى انخفاض واضح في حجم الصادرات، وهو ما يتماشى مع تراجع أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية خلال 2024. فقد انعكس هذا التراجع مباشرة على إيرادات البلاد من العملة الصعبة، لتتقلص قدرة الميزان التجاري على تحقيق فوائض كما كان الحال في السنتين السابقتين.

في المقابل، ساهمت الواردات في زيادة الضغوط على ميزان المدفوعات بعد تسجيل ارتفاع نسبي، مدفوعاً بالطلب على التجهيزات الصناعية والمواد الغذائية، إلى جانب المنتجات نصف المصنعة. هذا الارتفاع، وإن كان يعكس ديناميكية داخلية مرتبطة بالحاجيات التنموية، إلا أنه أثر سلباً على التوازن العام للمالية الخارجية.

ورغم ذلك، اعتبرت السلطات النقدية أن الوضعية لا تدعو إلى القلق، مؤكدة أن العجز المسجل يظل في خانة “شبه التوازن” مقارنة بحجم المبادلات الكلية. كما شددت على أن تراجع التضخم إلى ما دون 5% يعد إنجازاً مهماً، يتيح للحكومة مجالاً أوسع لتركيز جهودها على تنشيط القطاعات غير النفطية وتخفيف التبعية لعائدات المحروقات.

هذا التباين بين تحسن مؤشرات التضخم وتسجيل عجز طفيف في ميزان المدفوعات يعكس، وفق محللين، التحدي المزدوج الذي تواجهه الجزائر: الحفاظ على استقرار الأسعار من جهة، وضمان التوازنات الخارجية من جهة أخرى، بما يعزز صمود الاقتصاد أمام تقلبات الأسواق العالمية.