أظهرت بيانات حديثة صادرة عن وكالة بلومبرغ الشرق أن مصر تصدّرت قائمة أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال في الشرق الأوسط منذ بداية عام 2025، لتتفوق بذلك على دول المنطقة في حجم وارداتها من هذا المورد الحيوي الذي يشكل عنصرا أساسيا في مزيج الطاقة العالمي.
فقد سجلت مصر واردات بلغت 6.46 ملايين طن من الغاز المسال منذ مطلع العام وحتى 20 أكتوبر 2025، متقدمة بفارق طفيف على الكويت التي جاءت في المرتبة الثانية بواردات بلغت 6.44 ملايين طن. ويعكس هذا الفارق البسيط حجم الطلب المتزايد في مصر على الطاقة، سواء لتلبية احتياجاتها المحلية المتنامية أو لدعم صناعاتها الثقيلة التي تعتمد على الغاز كمصدر رئيسي للتشغيل.
وتأتي هذه الزيادة في الواردات بعد أن شهدت السوق المصرية تراجعًا في إنتاج الغاز المحلي خلال الأشهر الماضية، خاصة من بعض الحقول البحرية الكبرى التي كانت تمثل ركيزة أساسية للإمدادات الداخلية. كما ساهم ارتفاع درجات الحرارة في الصيف الماضي وزيادة الاستهلاك الكهربائي في زيادة الضغط على الشبكة الوطنية، ما دفع الحكومة إلى تكثيف وارداتها من الغاز المسال لتفادي أي عجز في التزويد.
أما الكويت، التي حلت في المركز الثاني، فاستوردت كميات مماثلة تقريبًا بفضل احتياجاتها المستمرة لمحطات توليد الكهرباء، خصوصًا في فترات الذروة الصيفية. وجاءت كل من الأردن والإمارات والبحرين في المراتب التالية بفوارق كبيرة؛ إذ بلغت واردات الأردن نحو 0.67 مليون طن، بينما استوردت الإمارات والبحرين 0.63 مليون طن لكل منهما منذ بداية العام.
ويشير محللون إلى أن هذه الأرقام تُظهر اتساع اعتماد دول المنطقة على الغاز المسال كبديل استراتيجي لمصادر الطاقة التقليدية، خاصة في ظل التقلبات المستمرة في أسعار النفط العالمية وتنامي الطلب الداخلي على الكهرباء والمياه المحلاة. كما تعكس البيانات تحولات أعمق في موازين الطاقة بالشرق الأوسط، إذ تتحول بعض الدول المنتجة إلى مستوردة بفعل تزايد الاستهلاك المحلي وتراجع الإنتاج في بعض الحقول.
ويرى خبراء الطاقة أن استمرار مصر في استيراد كميات كبيرة من الغاز المسال يعكس تحديًا مزدوجًا يتمثل في ضرورة تلبية احتياجات السوق الداخلية من جهة، والحفاظ على مكانتها كمصدر إقليمي للطاقة من جهة أخرى. وتبقى هذه المعادلة مرهونة بقدرة القاهرة على موازنة الإنتاج المحلي مع الاستيراد، وتطوير مشاريعها المستقبلية في البحر المتوسط لتعزيز أمنها الطاقوي في السنوات المقبلة.



