تحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح اللين: هدف استراتيجي وسط تحديات كبرى

بعيون الخبراء

أكد الدكتور رشيد عنان، خبير وباحث في تسيير وتقييم السياسات العمومية في مسائل الأمن الغذائي والاقتصاد البحري، في تصريح للجريدة الالكترونية “سهم ميديا” أن الجزائر تسعى لتحقيق هدف استراتيجي يتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح اللين، وذلك استجابة للتحديات العالمية التي تشهدها أسواق الغذاء ومخاطر انقطاع سلاسل التوريد بسبب الأزمات الدولية.

وأكد عنان أن هذا التوجه الاستراتيجي، الذي أعلنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يأتي بعد تحقيق تقدم ملموس في إنتاج القمح الصلب، حيث تستورد الجزائر حاليًا نحو 9 ملايين طن من القمح اللين، مقابل إنتاج محلي يقدر بثلاثة ملايين طن، يشمل بالأساس القمح الصلب والشعير.

وأضاف الدكتور عنان أن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي يتطلب مساحات زراعية واسعة تتراوح بين 3 إلى 3.5 مليون هكتار، في ظل المردودية الزراعية الحالية، مع ضرورة مراعاة التناوب الزراعي للحفاظ على خصوبة التربة ومنع انتشار الأمراض الزراعية. لكنه أشار إلى أن هذا الهدف يواجه عدة تحديات رئيسية أبرزها شح الموارد المائية، تراجع معدلات الأمطار، التغيرات المناخية، وغياب أنظمة إنتاج حديثة وفعالة.

استراتيجيات لتحقيق الأمن الغذائي وسط التغيرات المناخية

وفي حديثه عن الحلول الممكنة، شدد الدكتور عنان على أهمية اعتماد تقنيات حديثة لتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية، مثل الري بالتنقيط والري الذكي، بالإضافة إلى الاستثمار في تطوير سلالات قمح مقاومة للجفاف من خلال البحث العلمي والتقنيات الحيوية. كما دعا إلى تحسين إدارة الموارد المائية عبر بناء المزيد من السدود والخزانات، وتوسيع استخدام تحلية المياه والطاقة الشمسية لدعم القطاع الزراعي.

وأشار إلى أهمية التوجه نحو الزراعة الصحراوية كخيار مستدام، مستغلًا المساحات الشاسعة التي يمكن زراعتها باستخدام تقنيات حديثة. وأضاف أن تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، مثل التسميد العضوي والدورات الزراعية، سيسهم في تحسين الإنتاجية على المدى الطويل.

وأكد الدكتور عنان في ختام تصريحه أن دعم القطاع الزراعي يتطلب استثمارات ضخمة، مشيرًا إلى ضرورة استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة، وتشجيع الفلاحين من خلال برامج نقل التكنولوجيا ورفع القدرات. واعتبر أن تحقيق الاكتفاء الذاتي ضرورة اقتصادية وخطوة حيوية لتعزيز السيادة الغذائية للجزائر.