تكشف ميزانية الدولة للفترة 2026-2028 عن أكبر إنفاق سنوي في تاريخ الجزائر، إذ ترسم ملامح مرحلة جديدة قوامها الاستمرار في دعم المواطنين وتوسيع الاستثمارات رغم التحديات المالية.
وتسعى الحكومة من خلال هذه الميزانية إلى تحقيق توازن دقيق بين النمو والتنمية المستدامة من جهة، والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة من جهة أخرى.
ووفق وثيقة تأطير مشروع قانون المالية لسنة 2026، بلغت كتلة الأجور المخصصة للقطاع العام 5926 مليار دينار، منها أكثر من 1241 مليار دينار لفائدة موظفي المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، أي ما يمثل 33.6% من ميزانية الدولة.
هذا الرقم يعكس زيادة قدرها 83 مليار دينار مقارنة بسنة 2025، ما يؤكد التزام الحكومة بضمان استقرار دخل العمال والحفاظ على جودة الخدمات العمومية.
كما رُصد مبلغ 2812 مليار دينار لدعم المؤسسات العمومية والهيئات تحت الوصاية، بينها 1768 مليار دينار للمؤسسات ذات الطابع الإداري و2284 مليار دينار كتحويلات مالية مباشرة للأشخاص.
ومن أبرز هذه التحويلات منحة البطالة التي يستفيد منها أكثر من 2.18 مليون شخص بمبلغ إجمالي قدره 420 مليار دينار، إضافة إلى 424 مليار دينار مخصصة لتمويل منح التقاعد، في خطوة تؤكد استمرار الدولة في نهجها الاجتماعي وحماية الفئات الهشة.
ولم تغب القدرة الشرائية للمواطنين عن أولويات الإنفاق، إذ خصصت الحكومة 657 مليار دينار لدعم المواد واسعة الاستهلاك مثل الحبوب، الحليب، الزيوت، السكر، القهوة، وتحلية المياه والطاقة، من أجل تثبيت الأسعار وتخفيف الأعباء المعيشية على الأسر الجزائرية.
أما على صعيد التنمية، فقد تم اعتماد 4073.8 مليار دينار كاعتمادات دفع لتعزيز البنية التحتية والمشاريع الاقتصادية الحيوية، بما يسهم في خلق فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة.
وتشير التوقعات إلى أن الإنفاق العمومي سيبلغ حوالي 8009 مليار دينار في 2026، ليرتفع تدريجيًا إلى 8412.7 مليار دينار في 2028.
غير أن هذا التوسع في النفقات ترافقه محاولات للحد من العجز المالي، حيث يُتوقع أن يبلغ 5186.6 مليار دينار في 2026، أي ما يعادل 12.4% من الناتج الداخلي الخام، قبل أن يتراجع إلى 5417 مليار دينار في 2028 بما يمثل 11.2% من الناتج، ما يعكس سعي الحكومة لتحقيق توازن بين الإنفاق والتنمية دون المساس بالدعم الاجتماعي.
وتُظهر الأرقام النهائية أن طلبات الاعتمادات الميزانياتية المقدّمة من محافظي البرامج بلغت أكثر من 21 ألف مليار دينار كرخص التزام، و21.2 ألف مليار دينار كاعتمادات دفع، بارتفاع يقارب 20% مقارنة بالعام السابق، في دلالة على توسّع المشاريع الحكومية واستمرار الديناميكية الاقتصادية التي تراهن عليها الجزائر في السنوات الثلاث المقبلة.