تتصدر مصر قائمة الدول المنتجة للتمور في العالم، لكنها لا تزال بعيدة عن تحقيق حضور قوي في الأسواق الخارجية، إذ إن أغلب ما تحققه من إنتاج ضخم يظل حبيس الاستهلاك المحلي.
ورغم أن حجم انتاج مصر السنوي يناهز 1.9 مليون طن، أي ما يعادل 19% من الإنتاج العالمي و24% من الإنتاج العربي، فإن ما يُصدَّر منه لا يتجاوز 2.7% فقط، في مفارقة تكشف خللًا بين وفرة الإنتاج وضعف التصدير.
ويرجع هذا التناقض، بحسب نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة بالغرفة التجارية المصرية حاتم النجيب، إلى أن الأصناف المزروعة محليًا لا تحظى بإقبال في الأسواق العالمية. فالأصناف الشائعة مثل الحياني والسماني والزغلول والأمهات تُعرف محليًا، لكنها تبقى بعيدة عن اهتمامات المستوردين الذين يفضلون الأنواع الجافة أو نصف الجافة كالمجدول والبرحي، وهي أصناف لا تزال زراعتها محدودة مقارنةً بحجم السوق العالمي المتنامي.
ولا يتوقف التحدي عند نوعية الأصناف فحسب، بل يمتد إلى ثقافة الاستهلاك نفسها، إذ يظل الطلب المحلي موسميًا ومقيدًا بفترات معينة مثل شهر رمضان أو مواسم الأعياد، بينما يغيب الاستهلاك المنتظم الذي يخلق دورة اقتصادية مستدامة للمنتج الزراعي.
وعلى عكس دول الخليج والعراق وبلاد الشام التي تُعد فيها التمور جزءًا من المائدة اليومية، فإنها في هذه الدولة لا تزال تُستهلك على نطاق ضيق وزمني.
ورغم هذه الإشكالية، بدأت في السنوات الأخيرة ملامح تحول استراتيجي نحو زراعة الأصناف ذات القيمة التصديرية العالية. ويشير النجيب إلى أن الاتجاه نحو أصناف مثل البرحي والمجدول بدأ يثمر عن نتائج واعدة في حجم الصادرات، مع تزايد الإقبال العالمي عليها لما تتميز به من جودة وطول فترة صلاحية.
ولعل أبرز مثال على هذا التحول مشروع مليون نخلة برحي في الواحات البحرية، الذي أعاد رسم خريطة الإنتاج، وحوّل الدولة من مستورد لهذا النوع إلى منتج ومصدر له، في خطوة تعكس وعيًا متزايدًا بأهمية مواءمة الإنتاج مع متطلبات السوق العالمية بدل الاكتفاء بوفرة كمية بلا جدوى تصديرية.