ثورة الموانئ في الجزائر.. هل بدأ التحول الكبير؟

تجارة

تسير الجزائر بخطى ثابتة نحو إعادة بناء منظومتها البحرية والمينائية بما يتوافق مع المعايير العالمية، في إطار تحول استراتيجي يضع النقل البحري واللوجستيات في قلب معركة التنويع الاقتصادي.

وقد شكل المعرض البحري الدولي (2025)، الذي احتضنته الجزائر العاصمة مؤخراً، إحدى المحطات التي أكدت حجم التحولات الجارية داخل هذا القطاع الحيوي، خاصة مع مشاركة قرابة 40 مؤسسة جزائرية وأجنبية تبحث مستقبل الموانئ الجزائرية في عصر الرقمنة والمنافسة الإقليمية.

وتؤكد كاملة إيدير، منظمة الحدث، أن الجزائر دخلت مرحلة جديدة عنوانها تحديث الموانئ وتعزيز فعاليتها، معتبرة أن ما يتم إنجازه اليوم “يندرج ضمن أولويات وطنية واضحة” تهدف إلى رفع جاذبية البلاد لدى المتعاملين والمستثمرين.

وهي رؤية يشاركها كثير من الفاعلين في القطاع، الذين يرون في الرقمنة وتنظيم السلاسل اللوجستية شرطاً أساسياً لرفع حجم المبادلات التجارية وتحسين ترتيب الجزائر في مؤشرات النقل الدولي.

من جهته، يعتبر مولود بلعيد، رئيس الجمعية المهنية للأعوان البحريين، أن الرهان الأكبر يكمن في التحكم في عمليات الشحن والتفريغ سواء في التصدير أو الاستيراد، موضحاً أن تعزيز الشركات البحرية الوطنية يعد خطوة محورية لزيادة حجم البضائع المنقولة تحت العلم الجزائري.

وأشار إلى أن الجزائر شرعت فعلياً في تنفيذ إصلاحات ملموسة، منها النظام المعلوماتي الجديد للجمارك والمنصة الرقمية للموانئ التي أطلقها مجمع “سيربور”، إلى جانب برامج تجهيز تستهدف الموانئ وشركات النقل البحري.

وتعكس مشاركة مؤسسات رائدة مثل “كنان متوسط”، “كنان الجزائر”، وشركات التأمين والهيئات المهنية، ديناميكية متزايدة نحو بناء منظومة بحرية أكثر تنافسية، مدعومة بإرادة سياسية لتطوير التجارة الخارجية عبر منافذ أكثر تنظيماً وفعالية.

ويرى خبراء أن الجزائر باتت أمام فرصة تاريخية لتحديث موانئها بما يسمح لها بالتحول إلى منصة لوجستية إقليمية تربط إفريقيا بالمتوسط وأوروبا، خصوصاً مع التوجه نحو رقمنة كل العمليات واختصار زمن العبور.

وبذلك يصبح المعرض مناسبة لتجديد النقاش حول سؤال أكبر:
هل تنجح الجزائر في بناء منظومة مينائية حديثة قادرة على تقليل كلفة التجارة الخارجية ورفع تنافسية المنتج الوطني؟

الإجابات التي قدمها المشاركون تؤكد أن المسار بدأ بالفعل، وأن التحول البحري الذي تعيشه البلاد لن يتوقف عند معرض أو فعالية، بل يشكل جزءاً من رؤية استراتيجية تتسارع خطواتها من سنة إلى أخرى.