حصيلة تاريخية… الجزائر تحصد 11.4 مليار دولار من صفقات المعرض الإفريقي

استثمار معرض IATF

اختتمت الجزائر فعاليات الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية بحصيلة وُصفت بالتاريخية، بعد أن أعلن رئيس البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد، بنديكت أوراما، عن بلوغ قيمة الصفقات المبرمة 48.3 مليار دولار، من بينها 11.4 مليار دولار حازت عليها الجزائر.

هذا الإنجاز يعد محطة فارقة أكدت أن الجزائر تحولت إلى فضاء حقيقي يجمع بين الاقتصاد والدبلوماسية، ويمنح مشروع التكامل الإفريقي دفعة جديدة نحو التجسيد العملي.

الأرقام المعلنة كشفت عن قفزة نوعية في حجم المبادلات، حيث تجاوزت قيمة الصفقات التوقعات بكثير. أن تتمكن الجزائر وحدها من حصد 11.4 مليار دولار من هذه العقود، يعني أنها استطاعت استغلال المعرض كمنصة عرض للمنتجات والخدمات، وأيضا كأداة لتثبيت مكانتها كمحرك رئيسي في القارة.

هذه الحصيلة تضع الجزائر في موقع متقدم بين الاقتصادات الإفريقية الصاعدة، وتعكس تحولات جارية في استراتيجيتها نحو تنويع الصادرات والشراكات.

البعد السياسي كان حاضرًا بقوة في هذه التظاهرة، إذ زار المعرض 14 رئيس دولة و6 ممثلين لرؤساء دول و41 وزيرًا. هذا الحضور رفيع المستوى دليل على أن الاقتصاد بات محورًا أساسيًا في علاقات الدول الإفريقية.

الجزائر، من خلال هذا المعرض، قدمت نفسها كجسر يربط بين القرار السياسي والرؤية الاقتصادية، وهو ما يعزز صورتها كدولة قادرة على جمع الأفارقة حول طاولة واحدة لتوحيد الجهود التنموية.

كما أن المشاركة الواسعة لـ49 دولة إفريقية و2148 عارضًا تؤكد أن المعرض لم يكن مجرد تظاهرة تجارية عادية، بل حدثًا قاريًا بامتياز.

تنوع المشاركات أظهر أن القارة تبحث عن فرص حقيقية للتكامل، وأن هناك وعيًا متزايدًا بضرورة بناء شراكات داخلية تقلل من التبعية للأسواق الخارجية.

الجزائر، في هذا السياق، لعبت دور المنصة التي وفرت فضاءً آمنًا وفعالًا للتلاقي بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين.

الزخم الشعبي والمهني للمعرض لا يقل أهمية عن الزخم السياسي، فقد تجاوز عدد الزوار 60 ألفًا، بينهم مهنيون ومستثمرون وخبراء. هذا الإقبال يعكس تعطش السوق الإفريقية لفضاءات تتيح التعارف وتبادل الخبرات، كما يظهر حجم الاهتمام المتزايد بمشروع السوق الإفريقية الموحدة.

الجزائر، من خلال هذا الحدث، ساهمت في تقريب المسافات بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مختلف البلدان، وهو ما يشكل قاعدة صلبة للتعاون المستقبلي.

تحقيق صفقات بقيمة 48.3 مليار دولار في ظرف وجيز يعكس أن إفريقيا تملك إمكانيات اقتصادية ضخمة، وأن المشكلة ليست في غياب الموارد، بل في ضعف منصات التعاون والتنسيق.

المعرض بالجزائر برهن أن هذه المنصات، إذا وُجدت، يمكن أن تفتح آفاقًا واسعة أمام المستثمرين الأفارقة وتمنح القارة فرصة لفرض نفسها كلاعب مؤثر في النظام التجاري الدولي. الجزائر هنا لم تؤد فقط دور المنظم، بل تحولت إلى محرك ديناميكي يعيد صياغة قواعد التعاون القاري.

النجاح الباهر الذي عرفته هذه الطبعة وضع تحديات جديدة أمام الجزائر وبقية الدول الإفريقية، فالمطلوب الآن هو الانتقال من مرحلة الصفقات الموسمية إلى بناء مشاريع طويلة الأمد تعزز الاستقلالية الاقتصادية للقارة.

وإذا كان المعرض قد أظهر “الدبلوماسية الاقتصادية في أبهى صورها”، فإن الرهان المقبل يتمثل في ترجمة هذا الزخم إلى سياسات عملية تُرسخ التكامل وتمنح إفريقيا موقعًا أقوى في مواجهة اختلالات النظام التجاري العالمي.