دولة عربية تعرض مشاريع عملاقة بقيمة 450 مليار دولار

استثمار

أعلن العراق عن إطلاق حزمة ضخمة من الفرص الاستثمارية تقدر قيمتها بـ450 مليار دولار، تشمل أكثر من 160 مشروعاً واعداً في مختلف القطاعات، تم عرضها خلال ملتقى العراق للاستثمار المنعقد على مدى يومين في العاصمة بغداد، في خطوة تعكس رغبة الحكومة العراقية في التحول نحو اقتصاد متنوع ومستدام بعيداً عن الاعتماد المفرط على النفط.

وفي كلمته خلال افتتاح الملتقى، أوضح رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، أن الحكومة تمضي في تنفيذ إصلاحات تشريعية واقتصادية واسعة تشمل تعديل قانون الشركات المساهمة والشركات القابضة، مع إضافة مواد جديدة لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وإنشاء صناديق خاصة بها، فضلاً عن تسريع وتيرة الرقمنة الإدارية لتقليص البيروقراطية، واستكمال الإصلاح المصرفي ورفع التصنيف الائتماني للعراق، بما يسهم في خفض نسب الفوائد وتأمين المشاريع الاستثمارية داخل البلاد.

وأكد السوداني أن هذه الخطوات تندرج ضمن رؤية العراق 2050، التي تهدف إلى تحقيق تنويع اقتصادي حقيقي وتقليص الاعتماد على النفط الذي يشكل أكثر من 90 بالمائة من الإيرادات العامة. وتسعى الحكومة في هذا الإطار إلى تطوير قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة وتحسين بيئة الأعمال، إلى جانب توفير ضمانات حقيقية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، في مسعى لجذب رؤوس الأموال واستحداث فرص استثمارية تعزز النمو وتخلق مناصب شغل جديدة.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة تعمل على زيادة شراء الخدمات من القطاع الخاص، وإصلاح النظام المصرفي ليواكب المعايير الدولية، وتوسيع أنظمة الدفع الإلكتروني وحوكمة القطاع المالي. كما كشف عن تأسيس صندوق العراق للتنمية، كآلية تمويلية تهدف إلى تمكين المستثمرين المحليين والعرب والأجانب من استغلال الإمكانات الهائلة التي يزخر بها السوق العراقي، في ظل تزايد الطلب على المشاريع الكبرى والبنى التحتية.

وخلال الفترة الأخيرة، وقع العراق عقوداً استثمارية وتنموية مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) بقيمة 1.3 مليار دولار، شملت مشاريع استثمار الغاز المصاحب وتطوير الموانئ، إضافة إلى توسعة منشآت إنتاج الأسمنت وزيوت التشحيم. كما تعمل الحكومة على تنفيذ مشاريع سياحية تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار، ضمن خطة تهدف إلى استقطاب 20 مليون سائح خلال العقد المقبل.

وفي سياق موازٍ، وافق البنك الدولي في يونيو الماضي على تقديم حزمة تمويلية بقيمة 930 مليون دولار لتوسيع وتحديث شبكة السكك الحديدية العراقية، بما يعزز الربط التجاري داخل البلاد ومع دول الجوار. وأكد السوداني أن العراق قطع أشواطاً مهمة في تسهيل تسجيل الشركات الأجنبية، وتعديل القوانين المنظمة للشراكات مع القطاع الخاص، مشيراً إلى أن حجم الاستثمارات الفعلية تجاوز 100 مليار دولار، مع تحقيق شراكات نوعية مع شركات عالمية في مجالات الأسمدة والكبريت والفوسفات وصناعة الحديد والصناعات الإنشائية والغذائية، إضافة إلى نجاحات غير مسبوقة في قطاع صناعة الأدوية.

وفي محور النقل والبنية التحتية، أعلن السوداني عن مؤتمر خاص لعرض الفرص الاستثمارية المرتبطة بمشروع “طريق التنمية”، الذي يعد من أضخم المشاريع الاستراتيجية في المنطقة، ويهدف إلى جعل العراق محوراً تجارياً رئيسياً يربط آسيا بأوروبا. ويُرتقب أن يحوّل المشروع، الممتد من ميناء الفاو الكبير جنوباً إلى الحدود التركية شمالاً، العراق إلى بوابة عبور لنحو 20 بالمائة من تجارة آسيا إلى أوروبا، وفقاً لرؤية 2050.

ويمتد “طريق التنمية” عبر شبكة من الطرق السريعة والسكك الحديدية بطول يتجاوز 1160 كيلومتراً، مروراً بـ12 مدينة رئيسية تخدم أكثر من 27 مليون مواطن. ومن المتوقع أن يختصر زمن الشحن من 33 إلى 15 يوماً، بتكلفة إجمالية قدرها 17 مليار دولار، منها 10.5 مليار لمشاريع السكك الحديدية و6.5 مليار للطرق البرية، مع عائدات سنوية تُقدّر بـ4 مليارات دولار.

بهذه المشاريع والإصلاحات، يسعى العراق إلى رسم ملامح مرحلة اقتصادية جديدة، يكون فيها الاستثمار والإنتاج الحقيقي الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد قوي، مستقر، ومتنوع، قادر على مواجهة تقلبات أسواق النفط والانطلاق بثقة نحو مستقبل أكثر استدامة.