تواصل الجزائر تصدّرها لقائمة أكبر مصدّري الغاز إلى إسبانيا خلال النصف الأول من عام 2025، محافظًة بذلك على موقعها الريادي في السوق الإسبانية للعام الثاني على التوالي، رغم التحولات العالمية والمنافسة المتزايدة من مصادر أخرى. فقد استحوذ الغاز الجزائري على نسبة 32.5% من إجمالي واردات إسبانيا من الغاز في الفترة الممتدة من يناير إلى يونيو 2025، بإجمالي حجم بلغ 61.57 تيراواط/ساعة، منها 52.67 تيراواط/ساعة من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب، و8.9 تيراواط/ساعة من الغاز الطبيعي المسال.
ورغم أن هذه الأرقام تمثل انخفاضًا طفيفًا مقارنةً بنفس الفترة من عام 2024، حيث بلغت صادرات الجزائر نحو 66.33 تيراواط/ساعة، فإنها تؤكد على استمرارية الجزائر في الحفاظ على موقعها كمزوّد موثوق واستراتيجي لإسبانيا بالغاز، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية والاضطرابات في الإمدادات العالمية. ويعكس هذا الأداء ثبات العلاقات الطاقوية بين الجزائر وإسبانيا، رغم التقلبات التي شهدها السوق الأوروبي خلال السنوات الأخيرة.
ويُعد الغاز الجزائري عنصرًا محوريًا في أمن الطاقة لإسبانيا، خصوصًا أن نسبة كبيرة من هذه الإمدادات تُنقل عبر أنبوب “ميدغاز” الرابط بين البلدين، ما يمنح الجزائر ميزة تنافسية مقارنةً بمصدّرين آخرين يعتمدون على النقل البحري. كما يبرز دور الجزائر في هذا السياق كمورد إقليمي استراتيجي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويؤكد قدرة البلاد على الاستجابة المستمرة لاحتياجات شركائها الأوروبيين.
وفي الوقت الذي سجلت فيه صادرات دول أخرى كروسيا وقطر تراجعات متفاوتة، حافظت الجزائر على حصة سوقية مريحة، متقدمة على الولايات المتحدة التي حلّت في المركز الثاني بنسبة 31.2%، وعلى روسيا التي تراجعت إلى المرتبة الثالثة بنسبة 13.8%. ويكتسب هذا الترتيب أهمية إضافية في ظل ارتفاع المنافسة بين مصدري الغاز المسال عبر العالم، وتنامي دور الفاعلين الجدد في السوق الإسبانية.
النتائج المحققة خلال النصف الأول من 2025 تضع الجزائر في موقع قوي لتعزيز شراكاتها الطاقوية مع إسبانيا وباقي الدول الأوروبية، في وقت تسعى فيه القارة العجوز لتنويع مصادرها وضمان أمنها الطاقوي بعيدًا عن التوترات الدولية. ويُنتظر أن تواصل الجزائر استثمار هذه المكانة، لا فقط كمصدر للطاقة، بل كشريك موثوق في معادلة الاستقرار الطاقوي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
