القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز ... الجزائر جاهزة

سيناريو أزمة الحليب المدعم مستمر…فمن المسؤول؟

Carrousel

تنتهج الدولة الجزائرية سياسة دعم المواد الغذائية ذات الإستهلاك الواسع. ومن أبرز المواد أكثر استعمالا لدى المواطن الجزائري هي مادة الحليب، التي تعد من أولى الحاجيات الغذائية المقتناة والمطلوبة في السوق الجزائرية. لكن في السنوات الأخيرة سجلت هذه المادة المدعمة من الدولة ندرة في بعض المناطق من ولايات الوطن جراء تذبذب في توزيعها.

 

الحليب المدعم إستراتيجية الدولة للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن

 

وبالعودة إلى إستراتيجية الدولة الجزائرية في دعم الحليب المدعم حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن ودعم المواد ذات الاستهلاك الواسع وذلك بموجب المرسوم التنفيذي رقم 20-153 المؤرخ في 8 جوان 2020 والصادر في (ج ر رقم 35 مؤرخ في 14 جوان 2020) يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي رقم 01- 50 المؤرخ في 12 فيفري 2001 و المتضمن تحديد أسعار الحليب المبستر والموضب في أكياس عند الإنتاج وفي مختلف مراحل التوزيع. حسب ما أعلنته وزارة التجارة عبر موقعها الرسمي.

وبهذا المرسوم التنفيذي ، تعمل الدولة الجزائرية على دعم سعر الحليب بقرابة 15 دينار ، حيث يحدد سعر الكيس الواحد بسعة لتر واحد ب 25 دينار و 24 دينار لخزينة ديوان إنتاج الحليب ودينار واحد لموزع الحليب المدعم.

 

زيادة كميات بودرة الحليب للملبنات لاحتواء الندرة المسجلة في الأسواق

 

ككل مرة تزيد الحكومة كميات مسحوق الحليب وهي عبارة عن غبرة الحليب التي يوفرها الديوان الجزائري المهني للحليب للملبنات العمومية والخاصة لاحتواء الندرة المسجلة في مادة حليب الأكياس في الأسواق، ففي 2018, عرفت ملبنات المجمع العمومي الصناعي لإنتاج الحليب ومشتقاته ” جيبلي” زيادة في التموين بمسحوق الحليب من 7 آلاف إلى 10 آلاف طن في الشهر وهذا لرفع الإنتاج من 2 مليون إلى قرابة 4 ملايين لتر يوميا.

كما تم رفع تموين ملبنات القطاع الخاص في ذات السنة أيضا بمسحوق الحليب المدعم من 7500 إلى 9 آلاف طن في الشهر.

لكن بالرغم من الزيادات المتتالية للدولة الجزائرية لكمية مسحوق الحليب المدعم للملبنات عمومية كانت أو خاصة، إلا أن مشهد طوابير إقتناء أكياس الحليب لايزال يتكرر أمام أعين المارة، فسرعان ما انقضت الأزمة إلا وتعاود التفاقم من جديد.

ففي 2021 من العام الجاري، أعلن المدير العام للديوان الوطني المهني للخضر واللحوم والفواكه، محمد خروبي عن تزويد الملبنات بكميات إضافية من بودرة الحليب لمضاعفة الإنتاج وتمكين المواطن من اقتناء المادة ذات الاستهلاك الواسع وحسب ما أفاده مصدر إعلامي مطلع ، فقد تم تحديد الكميات الموزعة على 117 ملبنة خاصة وعلى مجمع “جيبلي” والذي بدوره يعكف على استحداث 100 نقطة بيع جديدة لتمكين المواطن من اقتناء الحليب وسط دعوات بالابتعاد عن التكديس.

 

لكن السؤال المطروح، هل فعلا زيادة الطلب على المادة هو السبب الوحيد لتذبذبها في الأسواق أم هناك أسباب أخرى؟ وكيف ستتعامل وزارة التجارة مع الأزمة؟

 

مع بداية 2020 كشف وزير التجارة كمال رزيق أن وزارته بصدد إعداد نظام معلوماتي إحصائي لتتبع مسار مادة الحليب المدعم، قائلا :”مافيا الحليب تجذرت في سوق التوزيع والدولة عازمة على اجتثاثها”.

بهذه الكلمات توعد وزير التجارة المتسببين في أزمة تذبذب توزيع أكياس الحليب المدعم في السوق مؤكدا أن حل مشاكل سوق الحليب سيكون على مستوى الإنتاج والتوزيع. متسائلا عن كمية الإنتاج التي تنتجها الملبنات ال 117 الناشطة على مستوى الوطن والمقدرة ب 4,7 مليون كيس حليب يوميا، في حين صعوبة حصول المواطن على كيس حليب واحد لدى تجار التجزئة.

وفي سياق متصل ، شدد وزير التجارة آنذاك على مراقبة مسار الإنتاج بدقة بارساء نظام معلوماتي وطني يشمل إحصائيات مدققة حول الملبنات والكميات المستلمة من الديوان الوطني للحليب وكذا حول نشاط الموزعين. وفق ما أوردته الاذاعة الجزائرية.

فبعد عام من تصريحات وزير التجارة بتفعيل نظام معلوماتي يتابع مسار إنتاج الحليب وتوزيعها لم يفرج بعد عن هذا النظام في ظل استمرار الأزمة إلى يومنا هذا ، والتي لاتزال تلوح في الأفق.

المواطنون متذمرون من ندرة أكياس الحليب المدعم

وفي جولة استطلاعية قام بها موقع “سهم ميديا” حول مدى توفر أكياس الحليب المدعم في الأسواق ، عبر العديد من المواطنين عن امتعاضهم وسخطهم لندرته في بعض المناطق، ما استدعى بعضهم التنقل إلى بلديات لاقتناءه وآخرون فضلوا شراء الحليب غير المدعم إن اقتضت الضرورة. مطالبين بايجاد حل جذري للأزمة.

 

خبراء: مصانع تستعمل بودرة الحليب المدعم في تصنيع مشتقاته

 

وفي هذا الشأن ، أجمع خبراء أن سيب تذبذب توزيع هذه المادة الحيوية يعود إلى استعمال بعض الشركات الخاصة في تصنيع مشتقات الحليب للبودرة المدعمة إلى جانب تحويل كميات هائلة من الحليب المدعم إلى المقاهي والمطاعم ناهيك عن غياب الرقابة الردعية للحد من هذه الأزمة التي أثرت بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطن.

 

مربون: غلاء الأعلاف سبب في ندرة الحليب المدعم

 

ولدى محاورة “سهم ميديا” لمربي أبقار وأنعام بولاية الاغواط وسؤاله عن وضعية الثروة الحيوانية في الجزائر وبالأخص هل المناخ الفلاحي الذي يعيشونه يعد إحدى أسباب هذه الأزمة يا ترى؟
قال بأن سبب تذبذب الحليب يعود إلى العراقيل التي يواجهها الفلاح المربي و المتمثلة في ارتفاع سعر الأعلاف المقدمة للاغنام و الأبقار، فهي التي افتعلت الأزمة، موضحا في سياق حديثه ل”سهم ميديا” تجربته في هذا النشاط، فبعد امتلاكه في بداية مشروعه 1600 رأس غنم و74بقرة ولود، صار يملك حاليا 560 راس غنم 22بقرة في ظرف أربع سنوات وهذا جراء إحتكار الأعلاف من السماسرة، مطالبا السلطات العمومية بضرورة تحديد سعر الأعلاف وتخصيص نقاط بيع تابعة لها للقضاء على سماسرة الأعلاف وتفعيل الرقابة اتجاههم للحفاظ على الثروة الحيوانية التي تمد الجزائر بمختلف أنواع الجلود اللحوم الحمراء والصوف والحليب.

 

رئيس منظمة ل”سهم ميديا” يوضح أسباب أخرى وراء أزمة الحليب المدعم في الأسواق

وبدوره أكد رئيس المنظمة الوطنية للاستثمار الفلاحي والصيد البحري عبد القادر مزاوي ل “سهم ميديا” الأسباب الرئيسية لندرة الحليب المدعم تعود إلى العزوف الجماعي للموالين في شعبة تربية الأبقار الحلوب في جميع أنحاء الوطن لغلاء الأعلاف بجميع أنواعها و التي فاقت 6000 دج و كحد أقصى 7000 دج في عدة مناطق من الوطن ناهيك عن الأثمان الباهضة التي يعرفها كل من الكلأ الأخضر، الكلأ المجفف، السيلاج والتبن. إلى جانب العامل الطبيعي المتمثل في الجفاف خاصة المناطق الغربية من البلاد و التي سجلت خسائر فادحة في محاصيل الحبوب، مما أدى الى عدم قدرة الموال على توفير أبسط وجبة للبقر الحلوب المتمثلة في التبن و الذي تراوح سعره من 450 دج الى 800 دج في موسمه، ولم يستبعد مزاوي ارتفاعه في الأشهر أو الأيام القليلة القادمة.

وأردف رئيس المنظمة في تصريحه ل”سهم ميديا” أن غلاء الأعلاف عاد سلبا على مصانع إنتاج الحليب لنقص التموين من طرف الموالين، ما ترتب عنه نقص في العرض لجميع أصناف الحليب سواءا المدعم أول كامل الدسم أو منزوع الزبدة جزئيا خاصة أنه ليس كل مصانع إنتاج الحليب تنتج حليب البودرة أي المدعم علما أنه في سنة 2019 إلى 2020 كان هناك ما يقارب 112 مصنع فقط ينتج هاذه المادة أي حليب البودرة و الباقي كله حليب البقر.

و من هذا المنطلق توقع مزاوي بوقوع أزمة حقيقية في هذه الشعبة إن بقي الحال على ما هو عليه لأن جميع المؤشرات توحي بذلك.

وقال المتحدث نفسه أن منظمته عاينت عدة ولايات من الغرب أو الشرق الجزائري كاشفا أن الموالين باتوا يفضلون بيع القطيع و لو بأثمان رخيصة تفاديا لشراء مستلزمات القطيع من أكل و أعلاف و علاج بيطري واصفا الوضع بالركود غير مسبوق في هذه الشعبة، مطالبا الدولة التدخل لحماية المواطن وتوفير له هذه المادة بزيادة وحدات إنتاج الحليب المدعم و الإلتفات لأسعار الأعلاف التي أصبحت الهاجس و العائق الكبير بالنسبة للموالين.