شات جي بي تي يثير الجدل: هل بدأ يتجاوز حدود الخصوصية؟

تكنولوجيا

لاحظ عدد من مستخدمي روبوت الدردشة الشهير “شات جي بي تي” مؤخرًا سلوكًا غريبًا، تمثل في مناداته لهم بأسمائهم الأولى دون أن يكونوا قد عرفوا أنفسهم بذلك مسبقًا، ما أثار تساؤلات كثيرة حول مدى احترام المنصة لخصوصية المستخدمين وحدود استخدام البيانات الشخصية.

هذا التغيير المفاجئ في طريقة تفاعل الروبوت مع المستخدمين لا يتوافق مع ما كان عليه النظام في السابق، حيث كان “شات جي بي تي” يتعامل بصيغة عامة دون تخصيص، إلا في الحالات التي يزوده فيها المستخدم بمعلومات عن نفسه. واعتبر كثيرون هذه الظاهرة مؤشراً مقلقًا على إمكانية احتفاظ المنصة بمعلومات شخصية دون علم المستخدم أو إذنه الصريح.

وسرعان ما انتشرت منشورات عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا) من مستخدمين أعربوا عن دهشتهم أو امتعاضهم من سلوك روبوت الدردشة، معتبرين أنه “مريب” أو حتى “مزعج”. فقد وصف سيمون ويلسون، مطور برمجيات مهتم بالذكاء الاصطناعي، التجربة بأنها “غير ضرورية”، في حين قال مطور آخر يُدعى نيك دوبوس إنه “كرهها”، بحسب ما نقله موقع “TechCrunch” المتخصص.

سلوك جديد يربك المستخدمين

هذا السلوك الجديد للروبوت طرح علامات استفهام حول توقيت التغيير، وما إذا كان مرتبطًا بميزة “الذاكرة” التي طرحتها شركة “OpenAI” مؤخرًا، والتي تمكّن “شات جي بي تي” من تذكّر تفاعلات سابقة مع المستخدم وتخصيص ردوده بناءً على ذلك. غير أن المثير للقلق، حسب شهادات عدد من المستخدمين، أن هذه المناداة بالأسماء حدثت رغم قيامهم بتعطيل تلك الميزة وإيقاف جميع إعدادات التخصيص.

الغموض يزداد مع غياب رد رسمي من “OpenAI” حول سبب هذا التصرف. ورغم محاولة موقع “TechCrunch” الحصول على توضيح، فإن الشركة لم ترد على طلب التعليق، ما زاد من قلق المستخدمين بشأن شفافية المنصة وآلية تخزين المعلومات الشخصية.

وفي الوقت الذي تتسع فيه دائرة التساؤلات، لجأ بعض المستخدمين إلى طرح استفسارات مباشرة على “شات جي بي تي” نفسه، الذي أوضح أن استخدامه لأسماء المستخدمين يتم فقط في حالتين: إذا عرّف المستخدم نفسه باسمه خلال المحادثة، أو إذا كان الاسم محفوظًا مسبقًا في إعدادات الحساب مثلما هو الحال في نسخة “ChatGPT Plus”.

قلق من الخصوصية في عصر الذكاء الاصطناعي

هذه الحادثة أعادت تسليط الضوء على القلق المتزايد بشأن الخصوصية في أدوات الذكاء الاصطناعي، خاصة مع التطور المستمر في قدرات التخصيص والتعلّم من المحادثات. ورغم سعي “OpenAI” إلى تقديم تجربة أكثر واقعية وتفاعلية، إلا أن الحدود بين ما هو مفيد وما هو مقلق بدأت تتلاشى في أعين كثير من المستخدمين.

ويزداد القلق في ظل محدودية المعلومات المتاحة حول كيفية تخزين واستخدام بيانات المستخدمين، خاصة في النسخ المدفوعة التي ترتبط بحسابات رسمية تحتوي على أسماء وأحيانًا تفاصيل شخصية أخرى. ومع غياب الشفافية الكافية، يتزايد الضغط على الشركات المطورة لتقنيات الذكاء الاصطناعي لتوضيح سياساتها ومعاييرها بخصوص البيانات.

وفي انتظار رد رسمي من “OpenAI”، يبقى المستخدمون في حالة ترقب، بينما يتواصل النقاش الرقمي حول أين تنتهي حدود الذكاء الاصطناعي، وأين تبدأ حقوق الخصوصية الشخصية.