تواصل الجزائر خطواتها الاستراتيجية لتعزيز أمنها الصحي وتطوير قطاعها الطبي عبر مشروع غير مسبوق يتمثل في إنشاء مصحة متخصصة للتداوي بالخلايا الجذعية وعلاج الأمراض المناعية، في المدينة الجديدة سيدي عبد الله، بولاية الجزائر. المشروع، الذي يجمع بين مجمع “صيدال” الرائد في الصناعة الصيدلانية والشركة القابضة “مدار”، يعكس رؤية وطنية واضحة لتحقيق نقلة نوعية في الخدمات الصحية الموجهة للمواطنين، استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
يأتي هذا المشروع في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى العلاجات المتطورة لمواجهة أمراض مزمنة ومعقدة، مثل أمراض القلب، الدم، العيون، الجهاز التنفسي، الجهاز العصبي، إضافة إلى العديد من أنواع السرطان. العلاج بالخلايا الجذعية يُعد من أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الطبية في العالم، والجزائر اليوم تضع قدمها في هذا المسار بهدف توفير علاج محلي متطور يخفف على المرضى عناء السفر إلى الخارج والتكاليف الباهظة للعلاج.
وزير الصناعة، الدكتور سيفي غريب، شدد على أن هذه المبادرة تأتي ضمن سياسة حكومية متكاملة لتعزيز السيادة الصحية، من خلال إدماج أحدث التقنيات الطبية وتطوير قدرات البحث العلمي، مع الحرص على أن تكون المشاريع الاستثمارية في المجال الصحي قائمة على شراكة رابحة للطرفين، تضمن إدماج الكفاءات الجزائرية وتطويرها. كما أكد الوزير على أهمية توطين التكنولوجيا الحديثة في الجزائر وتوظيف المواد المحلية والخبرات الوطنية في تنفيذ المشروع.
من جانبه، أوضح وزير الصناعة الصيدلانية، الدكتور وسيم قويدري، أن هذه المصحة ستكون ثمرة تعاون علمي واسع بين مجمع “صيدال” وعدد من مخابر البحث المتخصصة، حيث ستعتمد على كوادر طبية وبحثية جزائرية معترف بها دولياً، وستشكل منصة وطنية متقدمة لعلاج أمراض مستعصية باستخدام تقنيات العلاج المناعي والخلايا الجذعية. وأشار الوزير إلى أن المشروع لن يقتصر على تقديم الخدمات العلاجية فحسب، بل سيكون مركزاً لنقل المعرفة وتكوين الأطباء والباحثين في هذا المجال الحيوي.
ويُنتظر أن يسهم المشروع في تعزيز موقع الجزائر كوجهة رائدة في الطب المتقدم على المستوى الإقليمي، مستفيدة من موقعها الجغرافي وقدراتها البشرية، إضافة إلى شبكة تعاون ستشمل قطاعات الصحة، والعمل، والضمان الاجتماعي، والبحث العلمي. كما سيفتح آفاقاً للاستثمار في التكنولوجيا الطبية المتطورة، ويحفز إنشاء مشاريع مماثلة في ولايات أخرى مستقبلاً.
المشروع يعكس بوضوح أن استراتيجية الجزائر الصحية لم تعد تقتصر على تحسين الخدمات القائمة، بل تتجه نحو استباق احتياجات المستقبل عبر إدخال تقنيات علاجية ثورية وتطوير بيئة صحية متكاملة. ومع دخول المصحة مرحلة التحضير والتنفيذ، يترقب المواطنون انطلاق هذا الصرح الطبي الجديد الذي سيشكل نقلة نوعية في مستوى الرعاية الصحية ويعزز الثقة في القدرات الوطنية على المنافسة في مجالات الطب الأكثر تقدماً في العالم.