تتجه الجزائر بخطوات ثابتة نحو تحويل منجم غارا جبيلات إلى واحد من أكبر الأقطاب المنجمية في إفريقيا، بعدما عزز مجمع سونارم وشركة توسيالي الجزائر شراكتهما الاستراتيجية خلال لقاء جديد جمع المدير العام للمجمع رضا بلحاج بنائب رئيس الشركة التركية ألب توبكوغلو، في إطار مشروع مشترك يُعد من بين أهم المشاريع الصناعية التي تعوّل عليها البلاد في السنوات المقبلة.
ويأتي اللقاء ليؤكد أن التعاون بين الطرفين تجاوز مرحلة التفاهمات الأولية ليدخل مرحلة التنفيذ الفعلي، خصوصا بعد تأسيس الشركة المختلطة المكلّفة بتحويل خام غارا جبيلات إلى حديد مركّز بطاقة إنتاجية أولية تبلغ 4 ملايين طن سنوياً، باستخدام تقنيات متطورة لمعالجة الفوسفور، ما يجعل هذا المشروع أحد أكثر المشاريع المنجمية تقدماً على المستوى الإقليمي.
ويمثل هذا التطور خطوة محورية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى تثمين الموارد المنجمية، وتعزيز الاندماج الصناعي، وتقليل الاعتماد على المواد الأولية المستوردة، إضافة إلى خلق سلسلة قيمة صناعية جديدة قادرة على دعم الصناعات التحويلية داخل البلاد.
كما يعكس المشروع توجه الجزائر نحو شراكات قائمة على نقل التكنولوجيا وبناء قدرات محلية مستدامة، بعيداً عن النماذج التقليدية التي اقتصرت على الاستغلال الخام دون تطوير حقيقي.
ويُنظر إلى مشروع غارا جبيلات على أنه حجر الزاوية في رؤية الجزائر لإعادة بناء صناعة الحديد والصلب على أسس قوية، خاصة أن الاحتياطي الضخم للمنجم وتزايد الطلب العالمي على الحديد المكرّر يفتحان المجال أمام تموقع الجزائر كفاعل إقليمي مؤثر في السوق المعدنية.
كما يُتوقع أن يساهم المشروع في خلق ديناميكية اقتصادية جديدة بفضل الاستثمارات المرافقة، وفرص العمل، والشراكات الدولية، ما يمنح الجنوب الغربي للجزائر دوراً صناعياً لم يعرفه من قبل.
وبينما تستعد الشركة المختلطة لإطلاق مراحل الإنتاج، تؤكد كل من سونارم وتوسيالي التزامهما برؤية مشتركة طويلة الأمد تجعل من غارا جبيلات مشروعاً استراتيجياً يتجاوز البعد الاقتصادي، ليصبح رافعة سيادية تعزز مكانة الجزائر في أسواق المعادن وتدعم تحولها نحو اقتصاد متنوع وأكثر قدرة على خلق الثروة.



