وجّه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى اعتماد مقاربة جبائية جديدة، تجعل من الجباية أداة تحفيز ودعم للنشاط الاقتصادي بدل أن تكون عبئا يثقل كاهل المواطنين والمؤسسات.
قانون المالية لسنة 2026 يأتي بروح مغايرة تُوازن بين متطلبات التحصيل وضرورات العدالة الاجتماعية، من خلال البحث عن مصادر فعّالة ومستدامة للإيرادات دون اللجوء إلى رفع الضرائب أو فرض رسوم تُعرقل الاستثمار.
التحول في الفلسفة الجبائية… من العقوبة إلى التحفيز
تسير الجزائر بخطى ثابتة نحو كسر الصورة النمطية للجباية باعتبارها عقوبة مالية مفروضة على المكلفين، لتُحوّلها إلى أداة اقتصادية فاعلة تُحفّز النشاط وتُكافئ الالتزام.
وبدل الاعتماد على الزيادات المتكررة في الرسوم والضرائب، يتجه قانون المالية الجديد إلى ترسيخ ثقافة “الجباية التحفيزية”، القائمة على العدالة والإنصاف، وتشجيع المؤسسات المنتجة والمواطنين الملتزمين.
هذا التحول يُعبّر عن قطيعة مع مرحلة سابقة كانت فيها الجباية مرادفا للضغط، ليحلّ محلها نهج جديد يُكافئ الملتزمين، ويُبسّط الإجراءات، ويُقلّل التعقيدات الإدارية التي طالما كانت عائقا أمام توسّع النشاط الاقتصادي.
إصلاح الوعاء الجبائي وتوسيع القاعدة دون إرهاق المكلفين
يرتكز الإصلاح الجبائي الجديد على توسيع قاعدة التحصيل بدل رفع معدلات الضرائب، في مسعى لضمان عدالة أكبر وفعالية أوفى. فالرهان اليوم لا يكمن في إثقال كاهل نفس الفئات التي ظلت تتحمل العبء لعقود، بل في إدماج الأنشطة غير الرسمية، ومحاربة التهرب الضريبي، وتصحيح السلوكيات السلبية التي تُفقد الخزينة موارد هامة.
وتسعى الحكومة من خلال هذا التوجه إلى بناء نظام جبائي أكثر شفافية وواقعية، يُوازن بين حاجات الدولة التمويلية والقدرة الحقيقية للمكلفين، عبر أدوات رقمية ورقابية حديثة تُحسّن الأداء وتُقلّص هوامش الغش.
وبهذا، تتحوّل الجباية من عبءٍ على القلة إلى واجب عادل يشارك فيه الجميع، فيعاد بناء الثقة وتُستعاد هيبة القانون، وتُستثمر الإيرادات في مسارات تنموية محسوسة تُنعش الاقتصاد وتُرسّخ الاستقرار الاجتماعي.