تستعد مجموعة الألبان والأجبان الفرنسية “بيل” (Bel)، المالكة لعلامات شهيرة مثل “لافاش كيري” و”كيري” و”بابي بيل”، لإعادة هيكلة نموذج حضورها في السوق الجزائرية، عبر التخلي عن عمليات الإنتاج والتسويق لفائدة مجموعة “بالماري فود” الجزائرية، المختصة في صناعة البسكويت والشوكولاتة والبوظة.
وتؤكد مصادر مقربة من المفاوضات أن الطرفين بلغا مراحل متقدمة نحو إبرام اتفاق نهائي، من شأنه أن يعيد رسم خريطة صناعة الأجبان في الجزائر، رغم أن الصيغة القانونية للصفقة لم تُحسم بعد بشكل نهائي.
تأتي هذه الخطوة بعد أكثر من عقدين من التواجد الصناعي لمجموعة “بيل” في الجزائر، حيث أنشأت مصنعها في مدينة القليعة بولاية تيبازة مطلع الألفية الجديدة، بهدف إنتاج أشهر علاماتها محليًا، ضمن نموذج يجمع بين التصنيع داخل البلاد واستيراد المواد الأولية.
وقد بلغ رقم أعمال فرع “بيل الجزائر” نحو 65 مليون يورو خلال السنوات الأخيرة، في سوق حيوية تقدّر قيمتها بمئات ملايين اليوروهات وتشهد منافسة قوية بين منتجين محليين وشركات أجنبية تسعى لاقتطاع حصة من الاستهلاك الوطني المتنامي لمنتجات الألبان والأجبان.
غير أن نشاط “بيل” عرف خلال السنوات الأخيرة تباطؤًا واضحًا نتيجة المنافسة المحلية المتصاعدة ما انعكس على حصتها السوقية.
وفي مواجهة هذه التحديات، اتجهت المجموعة إلى مراجعة نماذجها التشغيلية عبر العالم، مركّزة على منح تراخيص الإنتاج لشركاء محليين أو الدخول في شراكات صناعية مباشرة، في خطوة تهدف إلى تقليص التكاليف ومواكبة التحولات الاقتصادية للأسواق. ويبدو أن الجزائر تستعد بدورها لأن تكون جزءًا من هذا التحول العالمي.
من جهتها، تُعد مجموعة “بالماري فود” أحد أبرز الفاعلين الصناعيين في الجزائر منذ تأسيسها مطلع الألفية، إذ نجحت في بناء شبكة توزيع واسعة وتوظيف أكثر من 2200 عامل، مع تنويع منتجاتها لتشمل البسكويت والشوكولاتة والبوظة.
وتطمح الشركة، التي يُقدّر رقم أعمالها بنحو 50 مليون يورو، إلى توسيع نطاق نشاطها نحو أسواق المغرب العربي والشرق الأوسط، مستفيدة من خبرتها الصناعية في القطاعات الاستهلاكية واسعة الانتشار، وشبكة توزيع تغطي معظم ولايات الوطن.
وتُعد عملية استحواذ “بالماري فود” على نشاطات “بيل الجزائر” خطوة استراتيجية في مسار تنويع الشركة الجزائرية نحو قطاع الألبان، لكنها في الوقت نفسه اختبار لقدرتها على الحفاظ على معايير الجودة الصارمة التي اشتهرت بها علامات “بيل”، وضمان استقرار سلاسل التوريد في قطاع يتطلب دقة تنظيمية عالية.
وإذا ما تمّ إنجاز الصفقة بنجاح، فستكون نموذجًا جديدًا للشراكة الصناعية بين الشركات الجزائرية ونظيراتها الدولية، يعكس انتقالًا تدريجيًا من الاستيراد إلى التصنيع المحلي المشترك في إطار سياسة ترقية الإنتاج الوطني وجذب الخبرة الأجنبية.