بعد أشهر قليلة من توقيع اتفاقية تاريخية لتقاسم الإنتاج بقيمة تزيد عن 5 مليارات دولار مع عملاق الطاقة الوطني سوناطراك، تعمل المجموعة السعودية بالفعل على تعزيز حضورها وتأمين مشاريع جديدة في قطاع المحروقات الجزائري.
كان هذا الهدف الاستراتيجي محور اجتماع رفيع المستوى عُقد أمس في وزارة الطاقة والمناجم. استقبل وزير الدولة، وزير المحروقات والمناجم، السيد محمد عرقاب، الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الله العيبان، الرئيس التنفيذي لشركة “مداد للطاقة” شمال أفريقيا، بحضور السيد نور الدين داودي، الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك، وعدد من كبار المسؤولين. وتمحورت المناقشات حول تقدم تنفيذ هذه الاتفاقية، التي تتعلق باستكشاف وإنتاج المحروقات في منطقة “جنوب إليزي”، الواقعة في حوض إليزي. استعرض الطرفان المشاورات الجارية لوضع خارطة طريق مشتركة تهدف إلى ضمان الالتزام بالمواعيد النهائية والمعايير التشغيلية المتفق عليها.
ينص عقد تقاسم الإنتاج، الذي يمتد لثلاثين عامًا، والذي وُقّع في أكتوبر الماضي، على استثمارات إجمالية قدرها 5.4 مليار دولار أمريكي، ممولة بالكامل من قِبل شركة مداد للطاقة. يُخصَّص من هذا التمويل 288 مليون دولار أمريكي لمرحلة البحث والاستكشاف في المنبع، والتي تشمل الحصول على بيانات زلزالية ثنائية وثلاثية الأبعاد، وحفر أكثر من 30 بئرًا، واستكمال الدراسات الجيولوجية.
ستشهد مرحلة الاستغلال والتطوير، بميزانية تزيد عن 5.1 مليار دولار أمريكي، إنشاء شبكة تجميع وتركيب وحدة معالجة غاز طبيعي معيارية، مصممة لتكون قابلة للتطوير ومرنة.
وخلال هذا الاجتماع، ركزت المناقشات أيضًا على “فرص الشراكة والاستثمار الجديدة في جميع مراحل سلسلة القيمة للنفط والغاز”.
ووفقًا للبيان الصحفي الصادر عن الوزارة، تشمل هذه الآفاق تطوير مشاريع استراتيجية تهدف إلى تعزيز تبادل الخبرات ونقل المعرفة وتنمية الموارد البشرية، سواءً في الجزائر أو على الصعيد الدولي. ويضع هذا النهج الابتكار ورأس المال البشري في صميم التعاون المستقبلي.
واستغل عرقاب هذه الفرصة للتأكيد على “العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع الجزائر والمملكة العربية السعودية”، وأهمية تعزيز شراكة اقتصادية “قائمة على المصالح المشتركة”. ويبدو أن هذه الرؤية المشتركة تُهيئ أرضية خصبة للاستثمار السعودي.
من جانبه، أكد الشيخ عبد الإله بن محمد بن عبد الله العيبان اهتمام شركة مداد للطاقة بتعزيز حضورها في الجزائر، نظرًا للآفاق الواعدة التي يوفرها قطاع المحروقات. كما أكد التزام شركته “بتطوير تعاونها الاستراتيجي مع سوناطراك وتسريع وتيرة المشاريع المشتركة”، من خلال الاستفادة من أحدث التقنيات بما يحقق المنفعة المتبادلة. وهكذا، يندرج مشروع جنوب إليزي، والشراكات المستقبلية التي قد تنجم عنه، في إطار نهج يدمج متطلبات التنمية المستدامة. ويشمل برنامج العمل تنفيذ مشاريع كفاءة الطاقة وإزالة الكربون للحد من البصمة البيئية. علاوة على ذلك، ستُعطى الأولوية للمحتوى المحلي والتعاقد من الباطن الوطني خلال تنفيذ العقد، وهو أمر بالغ الأهمية لتنمية الاقتصاد الوطني.
مع التزام شركة مداد للطاقة المُعلن بالانتقال من مشروع واحد إلى شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، تُؤكد الجزائر جاذبيتها للمستثمرين الرائدين، وتفتح صفحة جديدة واعدة في تعاونها في مجال الطاقة مع المملكة العربية السعودية.



