أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الجزائر في المرحلة الراهنة تهدف إلى خلق توازن مدروس بين الاستيراد والإنتاج المحلي، بما يضمن تلبية الحاجيات الوطنية من مختلف المنتجات دون اللجوء إلى سياسات التقشف. وأوضح أن الهدف هو بناء اقتصاد متوازن ومستقل، قادر على تلبية احتياجات السوق الداخلية بمنتجات محلية، مع استيراد ما لا يمكن إنتاجه محليًا، في إطار رؤية شاملة للسيادة الاقتصادية.
وخلال اللقاء الإعلامي الدوري الذي بث سهرة الجمعة على القنوات التلفزيونية والإذاعية الوطنية، شدد رئيس الجمهورية على أن البلاد عرفت في السابق “فوضى في الاستيراد”، تسببت في استنزاف احتياطي الصرف دون تحقيق نتائج ملموسة على مستوى السوق الوطنية أو تحسين نوعية العرض المحلي. وأشار إلى أن السياسة الجديدة تسعى إلى ضبط السوق وتوجيه الموارد نحو دعم الإنتاج الوطني، لتقليص التبعية للخارج دون المساس بتنوع العرض أو حرية المستهلك.
وفي هذا الإطار، أوضح الرئيس تبون أن الاستيراد يبقى ضرورة لتغطية بعض الحاجيات التي لا يزال الإنتاج المحلي عاجزًا عن تلبيتها، لكنه أكد أن الوصول إلى التوازن يتطلب رقمنة شاملة لكل العمليات التجارية والاقتصادية، معربًا عن أمله في استكمال هذا المسعى مع نهاية السنة الجارية، باعتبار الرقمنة الوسيلة الأنجع لمراقبة حركة السلع وحماية الاقتصاد من المضاربة والفوضى.
كما دعا رئيس الجمهورية إلى تعزيز الإنتاج المحلي في مختلف القطاعات، معتبرًا أن الاعتماد المفرط على الاستيراد يشكل خطرًا على السيادة الاقتصادية، في حين أن دعم المؤسسات الوطنية وتوسيع طاقاتها الإنتاجية يشكل رهانًا استراتيجيًا. وأكد أن تحقيق هذا التوازن “ليس سهلاً” ويتطلب جهودًا مشتركة من الدولة والمتعاملين الاقتصاديين، مشيدًا في الوقت نفسه بتفهم المواطنين لهذا التوجه الإصلاحي.
ونفى رئيس الجمهورية أن يكون الهدف من هذه السياسة خلق الندرة أو التضييق على السوق، مشددًا على أن الجزائر ماضية نحو اقتصاد منفتح يراعي التوازن المالي ويحافظ على القدرة الشرائية. وضرب مثالاً برغبة الشباب في اقتناء العلامات التجارية العالمية، مؤكداً أن الدولة لا تسعى إلى حرمانهم منها، بل إلى جعل اقتنائها يتم من داخل الجزائر عبر وكلاء وموزعين محليين، مما ينعكس إيجابًا على الخزينة العمومية.
وختم رئيس الجمهورية بالإشارة إلى أن ما تشهده السوق الوطنية من تذبذبات في بعض المواد لا يرقى إلى مستوى الندرة، محذرًا من بعض الأطراف التي تحاول استغلال هذه الاختلالات لإحداث بلبلة وخلق ندرة مفتعلة، مجددًا التزام الدولة بمتابعة هذه الظواهر والتصدي لها بما يضمن استقرار السوق وحماية المستهلك.