هل تنجح الجزائر في جذب 4 ملايين سائح هذا العام؟

سياحة وسفر

تسعى الجزائر إلى ترسيخ مكانتها على خارطة السياحة الدولية، واضعة نصب أعينها هدف استقبال 4 ملايين سائح بحلول نهاية عام 2025. هذا الهدف الطموح يأتي في سياق ديناميكية جديدة يشهدها قطاع السياحة، مدفوعة بإصلاحات إدارية ومبادرات رقمية وترويجية، ترتكز على تثمين الأصالة والانفتاح على الأسواق الخارجية.

وتُعد الأرقام المحققة في سنة 2024، والتي قاربت 3.5 مليون سائح، منها 2.5 مليون أجنبي، مؤشرا مشجّعا على أن المسار الذي اختارته وزارة السياحة بقيادة الوزيرة حورية مداحي يسير في الاتجاه الصحيح.

أرقام مشجعة وطموح أكبر

تكشف الأرقام التي أعلنت عنها وزيرة السياحة أن الجزائر استقبلت خلال سنة 2024 قرابة 3.5 مليون سائح، من بينهم 2.5 مليون سائح أجنبي ومليون جزائري من الجالية المقيمة بالخارج. هذه الأرقام تُمثل تطورا ملحوظا مقارنة بالسنوات السابقة، وتشير إلى عودة تدريجية للثقة في الوجهة الجزائرية، خاصة بعد جائحة كوفيد وما تبعها من تأثيرات على قطاع السياحة العالمي.

الهدف المعلن للوزارة هو الوصول إلى 4 ملايين سائح مع نهاية عام 2025، وهو ما يتطلب الحفاظ على هذا النسق التصاعدي بل وتعزيزه. وترى الوزارة أن هذا الهدف هو نتيجة منتظرة لسياسات واقعية، أهمها تبسيط الإجراءات الإدارية، والتحول نحو السياحة الرقمية، وتوسيع الترويج الدولي.

ويُشكّل هذا الرقم الرمزي (4 ملايين) مرحلة فاصلة في تقييم أداء القطاع، وسيكون محكًا لنجاعة البرامج المسطرة. كما يفتح المجال للتفكير في مضاعفة القدرات الاستيعابية، وتحسين جودة الخدمات، وبناء منظومة سياحية قادرة على المنافسة إقليميا وقاريا، خصوصا في منطقة شمال إفريقيا.

الترويج السياحي وتبسيط الإجراءات… مفاتيح الوصول

وفي مختلف تصريحاتها الاعلامية، أشارت الوزيرة إلى أن التقدم المحقق يعود بدرجة كبيرة إلى تكثيف الحملات الترويجية وتبسيط إجراءات الدخول، خاصة من خلال تسهيلات التأشيرة نحو ولايات الجنوب. وقد أصبح بإمكان السياح الأجانب دخول بعض الولايات الصحراوية بسهولة، ما أضفى مرونة وجاذبية على العرض السياحي الجزائري، الذي كان سابقا يعاني من تعقيد المساطر الإدارية.

هذه الخطوات سمحت بإعادة اكتشاف الجزائر كوجهة سياحية أصيلة وآمنة وغنية بالتنوع الثقافي والجغرافي. كما ساندت هذه الإجراءات عودة قوية لوكالات السفر الأجنبية إلى السوق الجزائرية، حيث بدأت في إدراج الجزائر ضمن برامجها، بعد سنوات من الغياب أو الحذر، بسبب ما كان يُوصف بضعف البنية الإجرائية والترويجية.

الوزارة تراهن كذلك على تعزيز التواصل مع الجالية الجزائرية في الخارج، ليس فقط كسياح عائدين في موسم الاصطياف، بل كوسطاء ترويج دائمين للوجهة الجزائرية. وهذا ما يمنح البعد الترويجي طابعا مجتمعيا، تتشارك فيه الدولة مع مواطنيها في صناعة الصورة الخارجية للسياحة الجزائرية.

الابتكار الرقمي يعيد تشكيل المشهد السياحي

وفي ظل التحولات العالمية، أصبح الابتكار الرقمي عنصرا أساسيا في تطوير قطاع السياحة، والجزائر بدأت تضع هذا العنصر في صلب استراتيجيتها الجديدة. تنظيم يوم دراسي قبل أسابيع بعنوان “الابتكار الرقمي في السياحة: ابتكار يروّج للأصالة” يعكس وعي القطاع بالحاجة إلى التحول الرقمي، سواء في الترويج، أو الحجوزات، أو تحسين تجربة السائح داخل البلاد.

وتسعى الوزارة إلى رقمنة الخدمات السياحية، من خلال دعم منصات الحجز الإلكتروني، وتطبيقات الهواتف الذكية، وإطلاق بوابات إلكترونية خاصة بالوجهات السياحية، مع إدماج المعلومات الثقافية واللغات الأجنبية. وتعتبر هذه التحولات ضرورية لجذب السائح العصري، الذي يعتمد على أدوات ذكية لاكتشاف واختيار وجهته السياحية.

ومع هذا التوجه، تفتح السياحة الرقمية الباب أمام استثمارات شبابية وشركات ناشئة تعمل في مجالات التكنولوجيا والسفر، مما يحفّز الاقتصاد الرقمي ويخلق فرص عمل جديدة. كما تعزز هذه المبادرات من قابلية الجزائر للاندماج في المنظومة السياحية العالمية كوجهة ذكية قادرة على الاستجابة لتطلعات الزوار بكفاءة وسرعة وجودة.