شهدت التجارة الخارجية الفرنسية في شهر أبريل 2025 تفاقمًا جديدًا في العجز التجاري، حيث بلغ مستوى 7.4 مليار يورو، وفقًا لبيانات الجمارك الفرنسية.
وقد حافظت الواردات الفرنسية على استقرارها عند حدود 57.8 مليار يورو، في حين تراجعت الصادرات بـ100 مليون يورو لتصل إلى 50.4 مليار يورو.
ويُعد قطاع الطاقة من أبرز الأسباب التي أثقلت كاهل الميزان التجاري، إذ انخفضت صادرات الطاقة بوتيرة أسرع من تراجع الواردات، مما أدى إلى مزيد من التدهور في الميزان الطاقوي.
هذا التراجع يُعمّق منحًى مقلقًا بدأ مع مطلع العام، حيث سُجل عجز بـ6.1 مليار يورو في يناير، و6.8 مليار في فبراير، و7.3 مليار في مارس. وعلى مدى 12 شهرًا متتالية، بلغ العجز التجاري الفرنسي 80.4 مليار يورو، وهو مستوى يقترب من الرقم القياسي المسجل في 2024 والمقدّر بـ81 مليار يورو.
ومنذ عام 2002، لم تتمكن فرنسا من تحقيق أي فائض تجاري في السلع، مما يعكس اختلالًا هيكليًا مزمنًا في تجارتها الخارجية، تغذّيه فاتورة الطاقة المرتفعة والتراجع المستمر في الأداء الصناعي.
في السياق ذاته، سجّلت الإنتاجية الصناعية في أبريل تراجعًا بنسبة 1.4 بالمائة، بعد ارتفاع دام شهرين متتاليين، وفق ما أفاد به المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.
ويعود هذا التراجع أساسًا إلى انخفاض حاد في إنتاج الكهرباء والغاز، نتيجة درجات حرارة أعلى من المعدل الموسمي، ما خفّض الطلب على الطاقة. وانخفض قطاع الصناعات الاستخراجية والطاقة والمياه بنسبة 5 بالمائة، شملت تراجعًا بـ5.5 بالمائة في إنتاج الكهرباء والغاز تحديدًا، في حين صُنّف أبريل 2025 كأحد أكثر شهور أبريل حرارة منذ عام 1900.
كما لم يكن قطاع الصناعة التحويلية بمنأى عن التراجع، حيث انخفض بنسبة 0.6 بالمائة، وسجلت الصناعات الأشد تضررًا انخفاضًا في الكوك والتكرير بـ14 بالمائة، وفي معدات النقل بـ2.4 بالمائة، بما في ذلك تراجع في قطاع السيارات بنسبة 0.4 بالمائة والطيران والسكك الحديدية بنسبة 3.7 بالمائة. وشملت التراجعات أيضًا الصناعات الإلكترونية والكهربائية التي انخفضت بـ1.9 بالمائة، ما يعكس تباطؤًا تكنولوجيًا في القطاع الصناعي.
في المقابل، سجلت الصناعات الغذائية نموًا بـ1.1 بالمائة، كما ارتفعت صناعات الكيمياء والدواء والمعدنيات بـ0.3 بالمائة. أما على مستوى الأشهر الثلاثة الماضية (فبراير–أبريل)، فقد تراجعت الإنتاجية الصناعية العامة بنسبة 0.8 بالمائة، والصناعة التحويلية بنسبة 1 بالمائة، مع تسجيل أكبر الانخفاضات في إنتاج السلع الصناعية المختلفة والتجهيزات التقنية.
وفي قطاع البناء، ارتفعت الإنتاجية في أبريل بنسبة 0.8 بالمائة، مدعومة بانتعاش بنسبة 1.7 بالمائة في بناء المباني، رغم أن الاتجاه السنوي ظل سلبيًا بتراجع بلغ 1.5 بالمائة على مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة.
تُبرز هذه المؤشرات المجمّعة هشاشة الاقتصاد الفرنسي في ظل تباطؤ صناعي واضح وتدهور مستمر في الميزان التجاري، مما يضع الحاجة إلى إصلاحات هيكلية في السياسات الصناعية والطاقوية في صدارة أولويات المرحلة المقبلة.