تحدثت حنان ساسي، ممثلة حماية المستهلك وقمع الغش بوهران، في حوار مع الجريدة الإلكترونية “سهم ميديا”، عن التحديات التي تواجه سوق اللحوم الحمراء في الجزائر.
وأوضحت أن ارتفاع الأسعار يعود إلى عدة عوامل متداخلة، من بينها المضاربة وضعف آليات التوزيع وارتفاع تكاليف الأعلاف. كما كشفت عن تجاوزات خطيرة تم رصدها خلال عمليات التفتيش، من بينها عرض لحوم غير صالحة للاستهلاك، وإعادة تهيئة اللحوم التالفة بطرق غير قانونية، إضافة إلى استخدام مواد خطيرة مثل محلول حفظ الجثث.
وأكدت أن مصالح الرقابة تكثف جهودها لمواجهة هذه الظواهر، من خلال مراقبة الأسواق، وتشديد العقوبات، وتعزيز الوعي لدى المستهلك، مشيرة إلى أن اللحوم المستوردة تخضع لتحاليل صارمة لضمان سلامتها، فيما يتم فرض رقابة مشددة على المزارع والمسالخ لضمان عدم استخدام مواد محظورة في تربية المواشي.
شهدت أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعًا قياسيًا في الفترة الأخيرة، رغم التدابير الحكومية لمحاربة المضاربة. كيف تفسرون هذا الارتفاع المستمر؟
صحيح، سوق اللحوم الحمراء في الجزائر يشهد ارتفاعًا مستمرًا في الأسعار، وهو ما يعكس تداخل عدة عوامل مترابطة تساهم في تفاقم هذه الظاهرة. رغم أن المضاربة والاحتكار يعدان من الأسباب الرئيسية، إلا أن الأمر لا يقتصر عليهما فقط، حيث تستمر المضاربة في الانتشار بشكل واسع على الرغم من التدابير الحكومية الرامية إلى الحد منها. يرجع ذلك إلى عدم كفاءة سلاسل التوزيع التي تفتقر إلى آليات حديثة، مما يتيح لبعض الوسطاء استغلال الوضع عبر تخزين كميات كبيرة من اللحوم بهدف تقليل العرض ورفع الأسعار بشكل مصطنع. إلى جانب ذلك، لا سيما مع الارتفاع المستمر في أسعار الأعلاف، حيث تعتمد الجزائر بشكل أساسي على استيراد هذه المواد، الأمر الذي يجعل تكلفة تربية المواشي خاضعة للتقلبات العالمية في الأسعار. كما أن التراجع في الإنتاج المحلي يزيد من تعقيد الوضع، إذ تعاني السوق من نقص واضح في أعداد مربي المواشي، إلى جانب الممارسات غير الشرعية مثل ذبح الإناث في المسالخ غير القانونية، وهو ما يؤدي إلى انخفاض القدرة الإنتاجية للقطيع المحلي، وبالتالي تقليل المعروض من اللحوم الحمراء وارتفاع أسعارها.
مؤخرًا، أعلنت السلطات عن حجز وإتلاف كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة في بعض الأسواق. ما أبرز التجاوزات التي رصدتموها خلال عمليات التفتيش؟
خلال عمليات التفتيش، تم رصد عدة تجاوزات خطيرة تتعلق بعرض وبيع لحوم فاسدة أو غير مطابقة للمعايير الصحية، حيث تبين أن بعض التجار يقومون بعرض لحوم غير صالحة للاستهلاك بسبب سوء التخزين احترام ادنى شروط النظافة سواء نظافة العامل التي هي جزء اساسي من انتقال التلوث و كذلك نظافة المحيط الذي هو ايضا عامل اساسي، بينما يعمد آخرون إلى إعادة تهيئة اللحوم التالفة بطرق غير قانونية مثل تلوينها بمواد غير مشروعة لإخفاء علامات التلف كما لوحظ غياب شروط النظافة في العديد من نقاط البيع، سواء من حيث درجة الحرارة المطلوبة لحفظ اللحوم أو من حيث الأدوات المستخدمة، مما يزيد من احتمالية تلوثها وانتشار الأمراض المنقولة عبر الغذاء. في ولاية وهران، تم اكتشاف تجاوز خطير يتمثل في إضافة محلول حفظ الجثث إلى اللحوم الحمراء، وذلك لمنحها لونًا فاقعًا ورائحة منعشة تخدع المستهلك، وهو ما يشكل خطرًا صحيًا بالغًا. كما تم ضبط عدة نقاط بيع واستهلاك تحتوي على لحوم الحمير، في محاولة للتحايل على المستهلك وبيعها على أنها لحوم حمراء طبيعية.
كيف يتم التصدي لهذه الظاهرة التي تهدد صحة المستهلك الجزائري؟
لمواجهة هذه الظاهرة، يتم تكثيف عمليات الرقابة من قبل الجهات المختصة مثل مصالح البيطرة وحماية المستهلك، حيث تشمل الإجراءات المتخذة حجز وإتلاف الكميات غير الصالحة، مع تحرير محاضر ضد المخالفين وإحالتهم إلى الجهات القضائية. كما يتم تنظيم حملات توعوية تستهدف التجار والمستهلكين على حد سواء، بهدف تعزيز الوعي حول مخاطر استهلاك لحوم غير مطابقة للمعايير الصحية، مع تشديد العقوبات على المتورطين في مثل هذه الممارسات لضمان سلامة وصحة المستهلك الجزائري.
في ظل ارتفاع واردات اللحوم المجمدة والطازجة لسد العجز في السوق، يثار تساؤل حول معايير الرقابة الصحية. هل تخضع هذه اللحوم لتحاليل ميكروبيولوجية صارمة قبل توزيعها في الأسواق؟ وما مدى التنسيق مع الجهات البيطرية لضمان سلامتها؟
في الجزائر، تخضع واردات اللحوم المجمدة والطازجة لإجراءات رقابة صحية صارمة قبل توزيعها في الأسواق، حيث يتم إخضاعها لتحاليل ميكروبيولوجية دقيقة على مستوى المخابر الجهوية للبيطرة، وذلك للتأكد من مطابقتها للمعايير الصحية وسلامتها للاستهلاك البشري. تشمل هذه التحاليل الكشف عن الملوثات البكتيرية مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية، إضافة إلى البحث عن أي مواد كيميائية أو بقايا أدوية بيطرية قد تشكل خطرًا على الصحة العامة. كما يتم فحص مدى احترام شروط النقل والتخزين، خصوصًا فيما يتعلق بدرجات الحرارة المطلوبة للحفاظ على جودة اللحوم. وفي حال اكتشاف أي تجاوزات أو عدم مطابقة للمعايير، يتم رفض الشحنات المخالفة أو إتلافها وفقًا للقوانين المعمول بها،
أبدى المستهلكون تخوفًا من استخدام بعض المربين لمواد محظورة في تربية المواشي، مثل المضادات الحيوية المسرّعة للنمو أو الأعلاف المعدلة. كيف تتم مراقبة المزارع والمسالخ للتأكد من أن اللحوم المطروحة في الأسواق خالية من هذه المخاطر؟
أبدى المستهلكون تخوفًا من استخدام بعض المربين لمواد محظورة في تربية المواشي، مثل المضادات الحيوية المسرّعة للنمو أو الأعلاف المعدلة. كيف تتم مراقبة المزارع والمسالخ للتأكد من أن اللحوم المطروحة في الأسواق خالية من هذه المخاطر؟
تخضع المزارع والمسالخ في الجزائر لرقابة صارمة من قبل المصالح البيطرية والجهات المختصة لضمان أن اللحوم المطروحة في الأسواق خالية من أي مواد محظورة قد تشكل خطرًا على صحة المستهلك. تشمل هذه الرقابة إجراء تفتيش دوري على المزارع لمراقبة استخدام المضادات الحيوية المسرّعة للنمو أو الأعلاف المعدلة وراثيًا، حيث يتم أخذ عينات من الأعلاف واللحوم لتحليلها في المخابر البيطرية الجهوية للكشف عن أي بقايا غير قانونية. كما يخضع القطيع لفحوصات بيطرية دقيقة، حيث يتم إجراء تشخيص تام للحيوانات، وفي حالة وجود شك يتم أخذ عينات دم وإرسالها للفحص المخبري. وإذا تبين الاشتباه بمرض خطير، تُرسل النتائج مباشرة إلى المفتشية البيطرية الولائية التي تتخذ القرار المناسب، إما بالذبح الفوري للحيوانات المصابة أو إخضاعها للعلاج إذا كان ذلك ممكنًا. أما في المسالخ، فيتم التفتيش على مرحلتين: الأولى Inspection ante-mortem، حيث يخضع الحيوان لفحص دقيق قبل الذبح للتأكد من حالته الصحية، تليها المرحلة الثانية Inspection post-mortem، والتي تشمل فحص الأعضاء الداخلية والغدد الليمفاوية للكشف عن أي إصابات مرضية وتحديد مدى انتشارها. وفي حال اكتشاف إصابة، يتم اتخاذ قرار الإتلاف بناءً على درجة انتشار المرض، إما بشكل جزئي أو كلي، وفقًا للمعايير الصحية. ورغم هذه الإجراءات، يبقى التحدي الأكبر هو تعزيز الرقابة الميدانية وضمان التزام جميع الفاعلين في سلسلة الإنتاج بالمعايير الصحية المعتمدة، مما يضمن سلامة اللحوم وحماية المستهلك الجزائري من أي مخاطر محتملة.
مع اقتراب شهر رمضان، يزداد الطلب على اللحوم، مما قد يفتح المجال أمام تجاوزات في السوق. هل هناك إجراءات استثنائية لتعزيز الرقابة خلال هذه الفترة؟ وما هي نصائحكم للمستهلك الجزائري لضمان شراء لحوم ذات جودة وسلامة صحية؟
مع اقتراب شهر رمضان، تشهد الأسواق الجزائرية طلبًا متزايدًا على اللحوم، مما قد يفتح المجال أمام بعض التجاوزات، مثل بيع لحوم غير مطابقة للمعايير الصحية أو التلاعب بالأسعار والجودة. لذلك، يتم تكثيف عمليات التفتيش بشكل استثنائي خلال هذه الفترة، حيث تركز الفرق البيطرية ومصالح حماية المستهلك على نقاط البيع والاستهلاك، لضمان احترام شروط الذبح، التخزين، والنقل، بالإضافة إلى التأكد من سلامة اللحوم المعروضة. تشمل هذه الإجراءات تعزيز الرقابة في الأسواق والمسالخ، مع إجراء تحاليل مخبرية على العينات المشبوهة والتدخل الفوري في حالة اكتشاف أي مخالفة. كما يتم حجز وإتلاف أي كميات من اللحوم غير الصالحة مع اتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين. وفي هذا السياق، يُنصح المستهلك الجزائري باقتناء اللحوم من محلات معتمدة تخضع للمراقبة الصحية، والتأكد من سلامة اللحوم من حيث اللون والرائحة والملمس، مع تجنب شراء اللحوم مجهولة المصدر أو التي لا تحمل ختم المراقبة البيطرية. كما يُفضل تخزين اللحوم بطريقة صحيحة في الثلاجة للحفاظ على جودتها، وتوخي الحذر من العروض المغرية التي قد تخفي تلاعبًا بالجودة أو ببيع لحوم غير صالحة للاستهلاك.