في ظل تصاعد السياسات التجارية المتشددة التي أعلنتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اتخذ العراق موقفًا متزنًا، مقللًا من حجم التأثير الاقتصادي المحتمل لقرار رفع الرسوم الجمركية بنسبة 39% على صادراته إلى الولايات المتحدة.
وأوضح مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لمجلس الوزراء العراقي، أن هذه الرسوم، إن فُرضت، لن تشكل عائقًا حقيقيًا أمام الاستقرار التجاري والاقتصادي للبلاد، مشيرًا إلى أن حجم الصادرات العراقية إلى السوق الأميركية لا يتجاوز 5 مليارات دولار سنويًا، معظمها من النفط الخام، بينما تبقى الأسواق الرئيسية للعراق هي الصين والهند، حيث تستهلكان قرابة 70% من إنتاجه النفطي.
هذا الموقف يعكس رؤية عراقية واقعية للتركيبة الجغرافية لتجارتها الخارجية، إذ تعتمد البلاد بنسبة 90% من وارداتها على شركاء مثل تركيا والصين والهند والإمارات ودول الاتحاد الأوروبي، بينما لا تحتل الولايات المتحدة موقعًا رئيسيًا في هذه المنظومة، سواء على مستوى الاستيراد أو التصدير، بحسب ما أضاف صالح. ومع ذلك، عبّر المستشار عن رغبة بغداد في البقاء بمنأى عن تداعيات هذه السياسات الحمائية، في ظل وجود اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة مع واشنطن عام 2008، والتي تنظم العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما فيها الاقتصاد والتجارة والأمن.
من جانبه، أكد فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية، أن صادرات العراق من الطاقة، خصوصًا النفط الخام، ليست مشمولة بالرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنتها الإدارة الأميركية، ما يعني أن الأثر المباشر للقرار على اقتصاد البلاد سيكون محدودًا جدًا. وأوضح أن العراق يصدر ما بين 7 إلى 8 ملايين برميل من النفط الخام ومشتقاته شهريًا إلى الولايات المتحدة، وهذه الصادرات تمثل حجر الزاوية في التبادل التجاري بين البلدين، ولم تتأثر بالإجراءات الأخيرة.
علاء الدين شدد على أن العلاقات مع واشنطن تبقى متينة، وأن التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار ما زال قائمًا، في إشارة إلى استمرار التفاهمات الثنائية في الملفات الاقتصادية الحساسة. هذا التوازن في الموقف العراقي يعكس حرص بغداد على الحفاظ على علاقاتها الدولية دون الانجرار إلى تصعيد اقتصادي، مع حماية مصالحها الحيوية في أسواق الطاقة العالمية.