“توسيالي الجزائر” تفتح الطريق أمام صناعة سيارات جزائرية 100٪

أوتو

بدأت شركة “توسيالي الجزائر” في إنتاج اللفائف المدرفلة على الساخن (Hot Rolled Coils) بطاقة إنتاجية سنوية تبلغ 4 ملايين طن، مع القدرة على تصنيع أكثر من 500 نوع مختلف من الفولاذ باستخدام أحدث تقنيات الصب والتشكيل، بما في ذلك آلة صب البلاطات الأكثر تطورًا في العالم.

ويتماشى المصنع مع معايير الصناعة 4.0، كما ينتج فولاذا أخضر صديقا للبيئة بسمك يصل إلى 1 مم وعرض حتى 1650 مم. وتُستخدم هذه اللفائف في عدة قطاعات استراتيجية، من بينها صناعة السيارات، البناء، الطاقة، الأنابيب الفولاذية والزراعة.

يشكّل هذا التحول الصناعي الكبير نقطة مفصلية في مسار تطوير الصناعة الجزائرية، وخاصة صناعة السيارات. فلطالما مثّل غياب قاعدة معدنية محلية عقبة أمام توطين صناعة المركبات بشكل حقيقي، حيث كانت معظم المصانع تعتمد على هياكل مستوردة، مما أضعف نسبة الإدماج ورفع التكاليف.

الآن، ومع توفر الفولاذ المسطّح عالي الجودة محليًا، بات بالإمكان تزويد مصانع السيارات العاملة في الجزائر (مثل “فيات”) بمواد أولية تُصنع محليًا، مما يوفّر عليهم تكلفة الاستيراد ويفتح أمامهم إمكانية رفع نسبة التصنيع الداخلي. هذا من شأنه أن يحوّل الصناعة من مجرد تركيب بسيط إلى صناعة متكاملة تشمل تشكيل الهيكل، تصنيع الأجزاء المعدنية الدقيقة، وحتى تجهيزات السلامة والشاسيه.

وتكمن أهمية هذا التطور أيضًا في كونه يتماشى مع التحولات العالمية نحو الصناعة الخضراء. فالفولاذ الذي تنتجه توسيالي ليس فقط محلي المنشأ، بل يتم وفق معايير بيئية صارمة، مما يمنح المنتج النهائي قيمة إضافية ويجعله قابلاً للتصدير إلى أسواق تحترم معايير الانبعاثات.

من جهة أخرى، فإن هذا التقدم قد يخلق ديناميكية جديدة في قطاع الصناعات المغذية، ويدفع الشباب والمستثمرين إلى دخول مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بمكونات السيارات. كما يشكّل فرصة للدولة لتشجيع شركات ناشئة على تطوير قطع الغيار، الإلكترونيات المدمجة، والأجزاء الداخلية التي لا تزال تستورد إلى اليوم.

ويبدو أن الجزائر باتت تملك اليوم أحد أهم شروط بناء صناعة سيارات وطنية حقيقية: قاعدة فولاذية محلية حديثة، وشراكات دولية قائمة، وإرادة سياسية واضحة لتطوير القطاع. ما تبقّى هو تنسيق الجهود بين القطاعات، وتحفيز الاستثمار في الصناعات التكميلية، والانفتاح المدروس على السوق الإفريقية التي تمثل مستقبلًا واعدًا للسيارات المصنّعة في الجزائر.