يتم العمل على تخصيص موانئ جزائرية لتصدير مادة الإسمنت بشكل حصري، في خطوة استراتيجية تعكس الأهمية المتزايدة لهذه المادة في قائمة الصادرات الوطنية خارج قطاع المحروقات.
ويأتي هذا القرار استجابة لتوجيهات عليا ترمي إلى تعزيز مكانة الجزائر كمصدر رئيسي للإسمنت في الأسواق الإقليمية والدولية.
وتقوم وزارة النقل، بالتنسيق مع مجمع الخدمات المينائية والمديريات العامة للموانئ، بدراسة شاملة لتحديد الهياكل المينائية القابلة للتخصص في هذا النشاط. الهدف هو تهيئة منافذ تصدير عصرية ومهيكلة، قادرة على استيعاب الكميات المتزايدة من الإسمنت الموجه للأسواق الخارجية.
تكمن أهمية هذا القرار في كونه يضع الإسمنت ضمن قائمة المواد الاستراتيجية التي تستدعي بنية تحتية متخصصة، بما يسهل عمليات الشحن ويقلل من التكاليف اللوجستية.
كما أن التخصيص من شأنه أن يرفع من تنافسية المنتج الجزائري في الأسواق الخارجية، خصوصا الإفريقية التي تعرف نموا متسارعا في قطاع البناء والأشغال العمومية.
الجزائر، التي تنتج أكثر من 40 مليون طن من الإسمنت سنويا، تمكنت في السنوات الأخيرة من تحقيق فائض معتبر، وشرعت في تسويقه نحو عدة أسواق على غرار إفريقيا جنوب الصحراء وأوروبا.
وبلغت صادرات الجزائر من هذه المادة أرقاما قياسية في 2023، حيث فاقت 747 مليون دولار لأول مرة في تاريخ البلاد.
هذا الأداء اللافت عزز قناعة السلطات بضرورة توفير موانئ متخصصة، لضمان استمرارية الصادرات وتوسيع حصص الجزائر في السوق الدولية.
كما أن تعزيز الموانئ الموجهة خصيصا للإسمنت سيمكن من تقليص آجال الشحن وزيادة الثقة لدى المتعاملين الأجانب.
في السياق ذاته، يندرج المشروع ضمن الرؤية الوطنية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، حيث يشكل الإسمنت أحد أبرز البدائل عن المحروقات.
ويتوقع خبراء أن يساهم تخصيص الموانئ في رفع قيمة الصادرات الجزائرية من هذه المادة الحيوية إلى مستويات أعلى، قد تتجاوز 1 مليار دولار سنويا وتصل الى 2 مليار دولار خلال الأعوام المقبلة.
وبذلك، فإن القرار يمثل نقلة نوعية في إدارة فائض الإنتاج المحلي، ويؤكد أن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ موقعها كفاعل أساسي في السوق العالمية للإسمنت.