تتهيأ الجزائر لدخول مرحلة جديدة من الحركية الصناعية مع اقتراب استلام عدة مصانع جديدة قبل نهاية السنة الجارية، في خطوة تعكس التحول المتسارع نحو تثمين الموارد المنجمية محليًا وتعزيز قدرات الإنتاج الوطني في المواد الصناعية الحيوية.
هذه المشاريع التي تشرف عليها الشركة الوطنية للبحوث والمنجم “سونارام” تمثل نقلة نوعية في خريطة الصناعة الجزائرية، بما يعزز التنويع الاقتصادي خارج قطاع المحروقات.
ففي ولاية أم البواقي، يُنتظر استلام مصنع لإنتاج الدولوميت، وهي مادة أساسية في الصناعات المعدنية وصناعة الزجاج، ما سيسهم في تلبية احتياجات السوق الوطنية وتقليل الواردات.
وفي قسنطينة، يجري استكمال الأشغال بمصنع كربونات الكالسيوم الدقيقة، الموجهة للاستخدام في الصناعات الدوائية والورقية والبلاستيكية، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام الاستثمار الصناعي في شرق البلاد.
أما في ولاية المدية، فقد بلغت التحضيرات مراحلها الأخيرة لإطلاق مصنع الباريت، المخصص لتلبية حاجات الصناعة النفطية، لا سيما في أنشطة التنقيب والحفر. ويُرتقب أن يعزز هذا المصنع التكامل بين قطاعي المناجم والطاقة، في إطار رؤية شاملة لتقليص الاعتماد على الاستيراد.
وفي معسكر، يجري العمل على مصنع الدياتوميت، الموجه لإنتاج مواد تُستخدم في الترشيح والعزل الحراري والبيئي، ما يعكس توجه الجزائر نحو تطوير صناعات صديقة للبيئة تستثمر في المواد الطبيعية المتوفرة بكثرة عبر التراب الوطني.
هذه المصانع الأربعة، التي ستدخل الخدمة تباعًا قبل نهاية السنة، تمثل ملامح مرحلة جديدة من النهضة الصناعية الجزائرية، حيث تتحول الثروات المنجمية إلى قاعدة إنتاجية فعلية تدعم النمو وتخلق فرص عمل وتفتح الطريق نحو صناعة وطنية مستدامة قادرة على المنافسة الإقليمية والدولية.
وسيُدعّم هذا الزخم بافتتاح مصانع جديدة لاحقًا، استنادًا إلى نتائج 26 مشروعًا للاستكشاف والبحث الجيولوجي أُطلقت سنة 2021، على أن يُعزز لاحقًا ببرنامج إضافي يضم 16 مشروع استكشاف جديد.
ومن بين هذه المشاريع المستقبلية، مشروع استغلال الطين الأبيض (الكاؤولين) المستخدم في صناعة العجينة البيضاء الخاصة بإنتاج السيراميك، وهو مشروع يجري الإعداد له بالشراكة مع طرف إيطالي لإنتاج مليوني طن سنويًا من هذه المادة الحيوية.