شركات هولندية كبرى تتجه نحو الجزائر لتأسيس قاعدة للطاقة النظيفة في إفريقيا

طاقة ومناجم

تعمل كبرى المؤسسات والشركات الهولندية على تجسيد مشاريع استراتيجية ضخمة في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر بالجزائر، في خطوة تعكس التحول الملحوظ في توجهات الاستثمارات الأوروبية نحو السوق الجزائرية، التي باتت تبرز كمركزٍ واعدٍ للطاقة النظيفة في إفريقيا وحوض المتوسط.

وقد عكس الحضور الهولندي القوي في معرض “ناباك 2025” بوهران هذا الاهتمام المتصاعد، حيث قاد نائب رئيس البعثة الهولندية، آن بورتا، وفدًا رفيع المستوى ضم ممثلين عن شركات كبرى ومؤسسات دعم اقتصادي للمشاركة في فعاليات المعرض.

هذه المشاركة لم تكن رمزية بقدر ما كانت عملية، إذ حملت معها مشاريع تعاون جديدة تستهدف نقل التكنولوجيا وتقاسم الخبرة في مجال الطاقات المستدامة.

وضم الوفد الهولندي أسماء بارزة في قطاع الطاقة النظيفة مثل شركتي “شيل أوكسي كوم” و”إمباكت هيدروجين”، إلى جانب وكالة ريادة الأعمال الهولندية (RVO)، التي تلعب دورًا محوريًا في دعم المؤسسات الهولندية الراغبة في دخول الأسواق الصاعدة.

وأشاد المشاركون بالقدرات الجزائرية في مجال الطاقة الشمسية والرياح، وبالإمكانات الكبيرة التي تؤهلها لأن تصبح لاعبًا رئيسيًا في سوق الهيدروجين الأخضر خلال السنوات المقبلة.

كما أجرى نائب رئيس البعثة الهولندية لقاءات مع مسؤولي الولاية وممثلي غرفة التجارة والصناعة بوهران، حيث ناقش الطرفان فرص التعاون المشترك، وإمكانية إطلاق مشاريع محلية في مجالات البحث والتطوير ونقل التكنولوجيا، بما يعزز التنمية المستدامة ويخلق مناصب شغل جديدة.

ولم يقتصر الاهتمام الهولندي على قطاع الطاقة، إذ عبّر عدد من الخبراء عن رغبتهم في استكشاف فرص الاستثمار في الزراعة الذكية وإدارة الموارد المائية، خصوصًا في ظل التجربة الهولندية الرائدة في مجال البيوت الزجاجية والزراعة المستدامة.

وقد أشاروا إلى أن الجزائر تمتلك أراضي خصبة ومناخًا متنوعًا يسمح بتطبيق أحدث التقنيات الزراعية التي تعزز الأمن الغذائي وتقلل من استهلاك المياه.

من جانبه، أكد مجلس الأعمال الهولندي الإفريقي (NABC) أن التبادل التجاري بين البلدين ما يزال يحمل فرصًا استثمارية واعدة، رغم التقلبات التي شهدها في السنوات الأخيرة، داعيًا إلى تسهيل المعاملات التجارية وتحسين الإطار القانوني لجذب المزيد من الشركات.

وتواصل السفارة الهولندية والوكالة الوطنية لريادة الأعمال (RVO) جهودها لتذليل العقبات أمام المستثمرين، عبر تقديم الدعم المالي والمعلوماتي، وتنظيم فعاليات اقتصادية تربط رواد الأعمال من الجانبين.

ورغم وجود بعض التحديات الإجرائية والقانونية، لا سيما في مجالات الاستيراد والتمويل والامتثال للمعايير الأوروبية، فإن مسار التعاون يسير نحو مرحلة أكثر نضجًا، حيث تتجه هولندا والجزائر إلى بناء شراكات طويلة الأمد تُعيد رسم خريطة التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ومع تنامي هذا الحضور، يبدو أن الاهتمام الهولندي بالسوق الجزائرية لم يعد مجرد حضور مؤقت في المعارض، بل تحوّل إلى رؤية استراتيجية قائمة على الاستثمار في الطاقة النظيفة، والزراعة المستدامة، وإدارة المياه، لتكون الجزائر محورًا رئيسيًا في خريطة التعاون الهولندي داخل القارة الإفريقية.