تعمل الجزائر على تعزيز حضورها في سوق الطاقة العالمي من خلال دخولها في واحدة من أكبر الصفقات الغازية لشهر أكتوبر، في وقت شهد فيه القطاع تنافساً واسعاً بين عدة دول عربية، وفق ما نقلته تقارير اقتصادية متخصصة.
وتصدرت الجزائر والسعودية قائمة أكبر الصفقات الغازية المبرمة خلال الشهر الماضي، متقدمتين على كل من مصر وقطر والعراق والإمارات.
وجاءت الصفقة الجزائرية من خلال اتفاق استثماري ضخم جرى توقيعه في العاصمة الجزائر مع الجانب السعودي، ويتعلق باستكشاف المحروقات واستغلالها في المحيط التعاقدي “إليزي جنوب”، عبر عقد لتقاسم الإنتاج بين شركة سوناطراك الجزائرية وشركة مداد للطاقة شمال أفريقيا السعودية. ويمتد العقد لمدة 30 سنة قابلة للتمديد عشر سنوات إضافية، مع فترة بحث مدتها سبع سنوات. ووفق بيان سوناطراك، سيتولى الشريك السعودي تمويل عمليات الاستكشاف والتطوير بنسبة 100%، بإجمالي استثمارات يصل إلى 5.4 مليار دولار، منها 288 مليون دولار مخصصة للتنقيب.
ويستهدف الجانبان، مع نهاية فترة العقد، تحقيق إنتاج إجمالي يناهز 993 مليون برميل مكافئ نفط، تشمل 125 مليار متر مكعب من الغاز الموجه للتسويق و204 ملايين برميل من المحروقات السائلة، ومن ضمنها غاز البترول المسال والمكثفات. وتضع هذه الصفقة الجزائر في قلب التحركات الطاقوية الإقليمية، خصوصاً مع توسع مشاريع الغاز في شمال أفريقيا وشرق المتوسط.
وفي السياق نفسه، واصلت السعودية تسجيل حضور قوي عبر أكبر صفقة غاز لشهر أكتوبر، من خلال مشروع تطوير حقل الجافورة بقيمة 11 مليار دولار، بالشراكة مع تحالف يضم صندوق الاستثمارات العامة وشركة “مبادلة” الإماراتية وصندوق GIC السنغافوري والصندوق العربي للطاقة. ويُعتبر الحقل أكبر مشروع للغاز غير المصاحب في المملكة، وتعمل أرامكو على رفع إنتاجها من الغاز بنسبة 60% بحلول 2030.
من جهة أخرى، برزت قطر من خلال صفقة توريد مليون طن سنوياً من الغاز المسال إلى الهند لمدة 17 عاماً اعتباراً من 2026، بينما واصلت نيودلهي دورها كمستورد رئيسي للغاز القطري بأكثر من 2.6 مليون طن في الربع الثالث من العام الجاري. وفي مصر، تم توقيع اتفاقية تسييل غاز حقل “كرونوص” القبرصي في محطتي إدكو ودمياط، بالتزامن مع عقد جديد مع شركة “بي بي” لحفر خمس آبار في البحر المتوسط باستخدام منصة الحفر العملاقة “فالاريس DS-12″، في خطوة تعزز مكانة القاهرة كمركز طاقوي في شرق المتوسط.
أما العراق، فسجل صفقة مهمة بإنشاء منصة عائمة للغاز المسال بطاقة 15 مليون متر مكعب يومياً، بالشراكة مع شركة “إكسليريت إنرجي” الأميركية، ضمن خطة طموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول 2028 وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وبهذا المشهد، يتضح أن أكتوبر كان شهراً استراتيجياً للغاز في المنطقة العربية، تصدرت خلاله الجزائر والسعودية المشهد بصفقات ضخمة تعكس تحوّل المنطقة إلى أحد أهم المحاور الطاقوية في العالم خلال السنوات القادمة.



