الجزائر تفتح أبوابها لإكسون موبيل وشيفرون… شراكة استراتيجية تغير موازين الطاقة

المجهر طاقة ومناجم

تقترب الجزائر من إبرام صفقة استثمارية كبرى مع عملاقَي الطاقة الأميركيين “إكسون موبيل” و”شيفرون” بهدف استغلال احتياطيات الغاز الجديدة وتعزيز قدراتها الإنتاجية في واحد من أهم القطاعات الاستراتيجية للبلاد.

وتأتي هذه الخطوة في وقت يسعى فيه الاقتصاد الجزائري إلى تنويع مصادر دخله وزيادة صادراته من الغاز الطبيعي، خاصة نحو الأسواق الأوروبية التي تشهد طلبًا متزايدًا على هذه المادة الحيوية.

ووفق مصادر متطابقة، فقد بلغت المفاوضات بين الطرفين مراحل متقدمة، مع الاتفاق على معظم الجوانب الفنية، فيما يتواصل النقاش حول التفاصيل التجارية قبل الإعلان الرسمي عن الصفقة.

مفاوضات متقدمة بين الجزائر وعملاقَي الطاقة الأميركيين

وتشهد المفاوضات بين الجزائر وكل من شركتي “إكسون موبيل” و”شيفرون” تطورات متسارعة، وسط مؤشرات قوية على قرب التوصل إلى اتفاق استثماري ضخم في قطاع الغاز. ووفق ما نقلته مصادر اقتصادية مطلعة، فقد تم حسم معظم الجوانب التقنية المتعلقة بعمليات الاستكشاف والإنتاج، في حين تتركز النقاشات الحالية حول الصيغة النهائية للشروط التجارية لضمان تحقيق مصالح جميع الأطراف.

ويأتي هذا التقارب بعد أشهر من اللقاءات الرسمية والزيارات الميدانية التي قام بها وفود من الشركتين الأميركيتين إلى الجزائر، شملت جولات في مواقع إنتاج الغاز ومحادثات مع مسؤولي وزارة الطاقة وسوناطراك. هذه التحركات الميدانية عززت من ثقة المستثمرين في البيئة الاستثمارية الجزائرية، خاصة مع الإصلاحات الأخيرة التي أدخلتها الحكومة لتسهيل الشراكات الأجنبية.

ويؤكد خبراء الطاقة أن هذه المفاوضات تمثل خطوة محورية نحو فتح الباب أمام استثمارات أجنبية أوسع في قطاع المحروقات الجزائري، مشيرين إلى أن نجاح الصفقة مع “إكسون موبيل” و”شيفرون” قد يشكل حافزًا لدخول شركات طاقة عالمية أخرى، مما يرفع من حجم المنافسة ويعزز مكانة الجزائر في أسواق الغاز العالمية.

التكنولوجيا الأميركية تمهد الطريق لاستغلال أمثل لاحتياطيات الغاز الجزائرية

وتراهن الجزائر على إدخال أحدث التقنيات الأميركية في عمليات استكشاف واستغلال احتياطيات الغاز الجديدة، وهو ما توفره خبرة شركتي “إكسون موبيل” و”شيفرون” في مشاريع الطاقة الكبرى حول العالم. وتتميز هذه التكنولوجيا بقدرتها على رفع معدلات الإنتاج، وتقليل الفاقد، وتحسين الكفاءة التشغيلية، ما يضمن استغلالًا أمثل للموارد الطبيعية ويعزز القدرة التنافسية للغاز الجزائري في الأسواق العالمية.

وفي مشاريع مماثلة نفذتها الشركتان في إفريقيا وأميركا اللاتينية، ساهمت الحلول التقنية المبتكرة في زيادة الإنتاج بنسبة تتجاوز 20%، مع خفض تكاليف التشغيل والصيانة على المدى الطويل. ومن المتوقع أن تستفيد الجزائر من هذه الخبرات عبر نقل المعرفة وتكوين الكفاءات المحلية، بما يضمن استدامة تطوير قطاع الطاقة الوطني.

إقرأ أيضا: الجزائر تتجه نحو استغلال الغاز الصخري بشراكة مع العملاق “إكسون موبيل”

كما يرى خبراء الصناعة أن اعتماد هذه التكنولوجيا سيسمح باستغلال حقول الغاز غير التقليدية والمناطق العميقة التي كانت تتطلب استثمارات ضخمة وتقنيات متطورة للوصول إليها. وبذلك، فإن الشراكة مع “إكسون موبيل” و”شيفرون” قد تمثل نقلة نوعية في مسار استغلال الغاز الجزائري، وتضع البلاد في موقع متقدم ضمن قائمة أكبر منتجي ومصدري الغاز عالميًا.

دعم سياسي: الرئيس تبون يمنح دفعة قوية لمفاوضات الشراكة مع إكسون موبيل وشيفرون

ويحظى مشروع الشراكة بين الجزائر وعملاقَي الطاقة الأميركيين “إكسون موبيل” و”شيفرون” بدعم سياسي مباشر من أعلى هرم السلطة، حيث سبق للرئيس عبد المجيد تبون أن استقبل وفودًا رفيعة المستوى من الشركتين لبحث فرص الاستثمار في قطاع الغاز. هذا الدعم الرئاسي يعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها الجزائر لقطاع الطاقة باعتباره أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة.

وخلال هذه اللقاءات، شدد الرئيس تبون على التزام الجزائر بتوفير بيئة أعمال جاذبة وآمنة للمستثمرين الدوليين، مع ضمان التوازن بين مصالح الشركاء الأجانب وحماية السيادة الوطنية على الموارد الطبيعية. هذا الموقف الرسمي الواضح ساهم في تعزيز ثقة الشركتين الأميركيتين وإعطاء دفعة قوية لمسار المفاوضات الجارية.

كما أن انخراط القيادة السياسية في هذا الملف يعكس رؤية بعيدة المدى تهدف إلى ترسيخ مكانة الجزائر كمحور إقليمي في مجال إنتاج وتصدير الغاز، خاصة في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها سوق الطاقة العالمي. ويؤكد محللون أن هذا الدعم السياسي سيكون عنصرًا حاسمًا في تسريع إبرام الصفقة وتحويلها إلى واقع عملي ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني.

صفقة الغاز المرتقبة قد تغيّر موقع الجزائر على خريطة الطاقة العالمية

ومن شأن الشراكة المرتقبة بين الجزائر و”إكسون موبيل” و”شيفرون” أن تمنح البلاد دفعة قوية لتعزيز موقعها في سوق الغاز العالمية، خاصة وأنها بالفعل من بين أكبر المصدّرين إلى أوروبا. ومع ارتفاع الطلب الدولي على الغاز، يمكن لهذه الصفقة أن تفتح آفاقًا جديدة لتوسيع الصادرات إلى أسواق آسيوية وأميركية، مما يحد من الاعتماد على وجهة واحدة ويعزز التنوع في الشركاء التجاريين.

إقرأ أيضا: عرقاب.. مؤشرات ايجابية لوجود خيرات كبيرة من الغاز الطبيعي في عرض البحر

الاستفادة من التقنيات الحديثة التي ستوفرها الشركتان الأميركيتان قد تسمح بزيادة الإنتاج بشكل ملحوظ خلال السنوات المقبلة، ما يرفع القدرة التصديرية للجزائر ويعزز قدرتها على تلبية العقود طويلة الأجل. وبذلك، فإن البلاد ستكون في موقع أفضل للتفاوض على أسعار وشروط تصدير أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.

ويرى محللو الطاقة أن نجاح هذه الصفقة سيعيد رسم خريطة صادرات الغاز الجزائري، ويضع البلاد في منافسة مباشرة مع كبار المنتجين في العالم. كما قد يفتح المجال أمام استثمارات إضافية من شركات طاقة كبرى، وهو ما يعزز مكانة الجزائر كمركز إقليمي للطاقة ووجهة مفضلة للاستثمارات في قطاع المحروقات.