“النانو يوريا”.. التكنولوجيا الهندية التي تريد الجزائر إدماجها في قطاع إستراتيجي

تكنولوجيا

أبدت الجزائر خلال لقائها الدبلوماسي مع السفيرة الهندية حرصا واضحا على إدماج أحدث التقنيات الزراعية في منظومتها الصناعية، وعلى رأسها تكنولوجيا “النانو يوريا” التي برزت كنموذج مبتكر ضمن مسار تحديث الصناعات التحويلية وتعزيز الأمن الغذائي.

هذا الاهتمام يعكس توجهاً استراتيجياً نحو حلول ذكية ترفع الإنتاجية وتقلل الكلفة وتحدّ من الضغط البيئي، في وقت تعمل فيه الجزائر على تطوير فروعها المنجمية والمرتبطة بتحويل الأسمدة.

وتُعد النانو يوريا أحد أبرز الابتكارات الهندية في مجال الزراعة المستدامة، إذ تقوم على تحويل جزيئات اليوريا إلى جزيئات نانوية متناهية الصغر تُسهّل امتصاصها بشكل أكثر فعالية داخل النبات.

وبخلاف الأسمدة التقليدية التي يهدر جزء كبير منها في التربة، تتيح هذه التقنية وصولاً مباشراً وسريعاً للمواد المغذية، ما يمنحها مردودية أعلى ويجعلها خياراً جذاباً للدول التي تبحث عن رفع الإنتاج دون توسيع الاستهلاك.

وترى الجزائر في هذه التكنولوجيا فرصة لتعزيز قدراتها الصناعية في مجال تحويل الأسمدة، خصوصاً أن النانو يوريا تُعد أكثر كفاءة من الأسمدة الكلاسيكية، حيث تعادل قنينة صغيرة منها كيساً كاملاً من اليوريا التقليدية.

ويتيح هذا الأمر تخفيضاً كبيراً في التكاليف اللوجستية، سواء في النقل أو التخزين، إضافة إلى تقليص حجم الاستهلاك الإجمالي للمواد الخام، وهو ما ينسجم مع مساعي الدولة لترشيد الموارد وتطوير الصناعات ذات القيمة المضافة.

كما تبرز أهمية هذه التقنية في بعدها البيئي، إذ تُقلّل الأسمدة النانوية من تسرب الملوثات إلى التربة والمياه الجوفية، وتساهم في خفض الانبعاثات الناتجة عن الإفراط في استخدام اليوريا.

هذه الميزات تتماشى مع التوجه الجزائري نحو تطوير صناعة منجمية نظيفة، حيث تسعى الحكومة إلى إدماج الحلول التكنولوجية الحديثة في مشاريع الفوسفات والبوتاس والصناعات التحويلية المرتبطة بالزراعة.

وتُدرك الجزائر أن قطاع الزراعة أصبح في العالم رهين الابتكار، وأن الاقتصادات الصاعدة لا تراهن فقط على زيادة الإنتاج، بل على تحسين فعاليته وجودته.

ولهذا جاء اهتمام وزارة المناجم بهذه التقنية في سياق رغبتها في ربط الاستثمارات المنجمية بالتقنيات التحويلية الحديثة، ما يمنح الصناعات الوطنية قدرة أكبر على التنافس ويُعزز الأمن الغذائي من خلال أسمدة أكثر فعالية وأقل كلفة.

من جانبها، عبّرت السفيرة الهندية عن استعداد الشركات الهندية لنقل خبرتها في هذه التكنولوجيا إلى الجزائر، خصوصاً بعد دخول قوانين الاستثمار الجديدة حيز التنفيذ.

وتمثل هذه الخطوة فرصة لبناء شراكات صناعية وتقنية تسمح بإنتاج أو تحويل النانو يوريا محلياً، وتمكين الجزائر من دخول نادي الدول التي تعتمد على تقنيات زراعية متقدمة ترتبط بالإنتاج النباتي عالي المردودية.

ويُنتظر أن يفتح هذا التعاون الباب أمام مشاريع مشتركة تجمع بين الابتكار الهندي والإمكانات المنجمية الجزائرية، بما يمهّد لإطلاق صناعة تحويلية جديدة تعتمد على الأسمدة الذكية. وتبدو النانو يوريا، وفق المؤشرات الحالية، جزءاً من تحول أوسع يربط التكنولوجيا بالإنتاج الزراعي، ويمنح الجزائر فرصة لتحديث زراعتها وتقليص تبعيتها للمنتجات التقليدية، في مسار يضعها على طريق الزراعة المستدامة ويدعم طموحها في تحقيق أمن غذائي متقدم.