بالأرقام.. هكذا فرضت الجزائر “عقابها الاقتصادي” على باريس

تجارة

تُظهر بيانات فرانس أغريمر بوضوح ما يشبه “عقابا اقتصاديا” فرضته الجزائر على المنتجات الزراعية-الغذائية الفرنسية خلال موسم 2024/2025، بعدما تراجعت وارداتها منها بشكل غير مسبوق، لتُسجّل أكبر انخفاض في القارة الإفريقية.

فوفق الأرقام الرسمية، هوت مشتريات الجزائر من المنتجات الزراعية الفرنسية من 945 مليون يورو إلى 351 مليون يورو فقط، أي بانخفاض حاد بلغ 62%، وهو ما جعل الجزائر تختفي تمامًا من إحصاءات مشتري القمح الفرنسي بعد أن كانت ثاني أكبر مشترٍ إفريقي له في العام السابق.

هذا التراجع العنيف، الذي تصفه جهات فرنسية بأنه “غير مفهوم” و”غير مسبوق”، ينعكس على أداء الصادرات الفرنسية نحو القارة ككل، إذ تراجعت المبيعات الزراعية-الغذائية إلى إفريقيا بنسبة 16% لتستقر عند 4.32 مليارات يورو.

وتشير تقارير فرنسية إلى أن الجزء الأكبر من هذا الانخفاض يعود مباشرة إلى الموقف الجزائري الذي غيّر خريطة التدفقات التجارية، وأعاد ترتيب أولويات السوق بعيدًا عن المورد الفرنسي التقليدي.

وبحسب المحللين، فإن غياب الشركات الفرنسية عن مناقصات الديوان الجزائري المهني للحبوب فجّر هذا التحول، لتتراجع واردات الجزائر من الحبوب الفرنسية إلى الصفر تقريبًا، بعدما كانت السوق الجزائرية تُمثل ما قيمته 373 مليون يورو من صادرات القمح الفرنسي وحده.

ولم يتوقف “العقاب الاقتصادي” عند الحبوب، إذ انخفضت واردات الجزائر من مشتقات الحليب الفرنسية من 201 مليون يورو إلى 76 مليون يورو، في ضربة قوية لقطاع تعتمد صادراته على الأسواق الخارجية.

ورغم احتجاجات المهنيين الفرنسيين الذين تحدثوا عن “عراقيل مصرفية وإدارية” و”تمييز في المعاملات”، تستمر الجزائر في بناء نموذج جديد قائم على تنويع الموردين وتعزيز التصنيع المحلي، خاصة مع وجود علامات فرنسية مستثمرة داخل الجزائر مثل دانون جرجرة ولاكتاليس، وهو ما يُعيد صياغة العلاقة الاقتصادية بعيدًا عن منطق التبعية التجارية.

في المقابل، لم يتراجع كل شيء؛ فالجزائر ما تزال أكبر مشترٍ إفريقي للآلات الزراعية الفرنسية بقيمة 267 مليون يورو، إضافة إلى مواصلة استيرادها للخشب ومشتقاته بما قيمته 143 مليون يورو، ما يؤكد أن التحول الجزائري انتقائي وموجّه، يستهدف القطاعات التي كانت تعتمد فيها فرنسا على موقع احتكاري تاريخي.