انطلقت الجزائر بإصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية كبرى بعد انتخاب السيد عبد المجيد تبون، استهدفت الحفاظ على كرامة المواطن، واسترجاع الثقة في مؤسسات الدولة، وإعطاء صورة نمطية بعيدة عن شبهات الفساد الإداري. حيث شرعت سنة 2020 بإصدار المرسوم الرئاسي 20/45 المؤرخ في 15 فبراير 2020، الذي أُنشئ في ظل بيئة سياسية واقتصادية وثقافة اجتماعية جديدة، لممارسة مهامها كجسر قانوني رابط بين المرفق العام والمواطن، بهدف حماية الحقوق وضمان الحريات العامة. وقد منح لها المشرع الجزائري مكانة مرموقة لا يستهان بها في مجمل مواد المرسوم الرئاسي السالف الذكر، فهي هيئة طعن غير قضائية تساهم في صيانة حقوق المواطنين وحرياتهم، مع إعطائها الصفة الرقابية بطريقة غير مباشرة على جميع الإدارات والمرافق العمومية.
شهدت مؤسسات الدولة قبل سنة 2019 ممارسات غير قانونية داخل الإدارات العمومية وأعوانها، جعلت المواطن في غبن دائم يحل بممارسات مشبوهة، وهو ما تعهد به السيد عبد المجيد تبون بالتزامه بإرجاع الثقة للمواطن عبر هيئة وسيط الجمهورية من خلال مندوبياتها الـ 59، التي تساهم في تكريس دولة الحق والقانون وحماية الحقوق والحريات، وفي ضمان قانونية سير مؤسسات الدولة. وتعد هذه الهيئة إدارية متخصصة تعمل على التخفيف من البيروقراطية السلبية والقضاء عليها، ومكافحة شتى أساليب التسلط والتعسف الإداري تجاه المواطنين في حاجاتهم إلى الخدمات العمومية.
إن هيئة وسيط الجمهورية كآلية ودية تعمل على حلحلة مشاكل المواطنين التي قد يتعرضون لها مع المرافق العمومية، سواء بسبب جهلهم بالقانون من جهة أو تعسف بعض الإدارات وأعوانها من جهة أخرى. وقد وضعها المشرع الجزائري تحت سلطة رئاسة الجمهورية، مما يجعلها هيئة عليا تستمد قوتها وقراراتها من رئيس الجمهورية، باعتبارها أعلى سلطة تنفيذية. كما تستمد ميزانيتها وتنظيمها من رئاسة الجمهورية التي تخصص لها ميزانية خاصة تحت وصايتها، ويديرها السيد وسيط الجمهورية الذي منح مرتبة وزير، كمركز تشريفي يليق بحجم هيئة تعتبر النافذة الأولى التي تربط المواطن برئيس الجمهورية.
وفي الذكرى الخامسة لتأسيسها، وتحت وصاية السيد الوزير وسيط الجمهورية عبد المجيد عمور، نظمت هيئة وسيط الجمهورية أبوابًا مفتوحة للمواطنين، للتعريف بنشاطاتها ومهامها المخولة لها قانونًا، وأهم الإحصائيات الرقمية التي حققتها خلال خمس سنوات من العمل. وقد أثبتت هذه المؤسسة الفتية نجاحها المطلق والاحترافي، خاصة في مجال رقمنة الإدارة العمومية، عبر بوابات رقمية ومنصات لمراقبة ومتابعة كل العمليات الإجرائية المتعلقة بسير المرفق العمومي، تحت شعار: “دائمًا أقرب للمواطن وجميعًا من أجل خدمة عمومية أفضل”. وقد قطعت هيئة وسيط الجمهورية شوطًا كبيرًا في الاهتمام بالعنصر البشري، من خلال تكوين إطارات وموظفي الهيئة تكوينًا عالي المستوى في مجال الاتصال والتواصل، الذي يعتبر أول مرحلة في حل مشكلات المواطن، وهو واجهة الهيئة التي تهدف إلى احترام الكرامة الإنسانية.
كما طورت الهيئة نظامًا إلكترونيًا لسبر آراء المواطنين، من خلال لوحة رقمية موجودة عند مداخل وبوابات المندوبيات المحلية والإدارة المركزية، لمعرفة رضا وقبول المواطنين تجاه خدمات هيئة وسيط الجمهورية، من الاستقبال إلى التكفل النهائي بشكاوى المواطنين. وهذه نقطة إيجابية تحسب للهيئة في مجال الرقمنة ومتابعتها لنشاطاتها عن بعد. كما أنشأت هيئة وسيط الجمهورية نظامًا إلكترونيًا بإطلاق البوابة الإلكترونية wassit.dz، لتسهيل عملية إيداع العرائض من طرف المواطنين، وتقريب المندوبيات منهم، وتسهيل المتابعة من طرف المركزية، مع إثبات الحجة والشاهد على سير العملية داخل المندوبيات المحلية التي تهدف إلى حل مشاكل المواطنين. كما أنشئت منصة رقمية تنسيقية تربط هيئة وسيط الجمهورية بالمرافق العمومية، لمتابعة ومراقبة سير العرائض والمراسلات الإدارية بدقة وسرعة، ومعالجة الردود الواردة من الإدارات، وتقييم جودتها سواء كانت إيجابية أو سلبية أو سطحية مبهمة.
كما تعمل المنصة على متابعة سجل الشكاوى رقميًا، من خلال حصيلة يومية وشهرية للمواطنين الذين أودعوا شكاويهم لدى الإدارات العمومية، وتدوينها في سجل الشكاوى الورقي الذي أعطى دفعة قوية لمحاربة البيروقراطية، وسهّل حل مشاكل المواطنين، وقرّب الإدارة من المواطن، مع تسليط المسؤولية الكاملة على المسؤولين المقصرين في أداء مهامهم المخولة لهم قانونًا.
لقد نجحت هيئة وسيط الجمهورية في رقمنة العرائض والشكاوى وردود المواطنين، وهو ما تجسد من خلال مديرية الرقمنة والتوثيق بالهيئة، حيث أصبحت هيئة وسيط الجمهورية تتعامل بصفر ورقة، ما أدى إلى تسريع وتيرة حل مشاكل المواطنين. وهذا ما يثمنه الرأي العام الجزائري، ونحن كمحللين وأكاديميين نعتبره إنجازًا يعكس جهود إطارات وموظفي هيئة وسيط الجمهورية، سواء في المركزية أو في المندوبيات المحلية.
وخلال خمس سنوات من النشاط والتطور الرقمي، تم توفير هياكل تكنولوجية حديثة صُرفت عليها ميزانيات معتبرة لتحسين جودة الخدمة العمومية، وجعل هيئة وسيط الجمهورية نافذة للتكفل بانشغالات المواطنين، وتوجيههم، وتقديم الاستشارة القانونية، إن لم يكن لها اختصاص مباشر في بعض القضايا. كما أثمرت اللقاءات الجهوية التي عقدها كفاءات مهنية على رأس هيئة وسيط الجمهورية، بقيادة مجيد عمور، ومندوبي الولايات، عبر ورشات عمل وتوصيات تصب في صلب خدمة المواطن، واحترام الحقوق والحريات، وتحقيق الشفافية، ورسم نظرة استشرافية بعيدة المدى لعمل هذه الهيئة، لضمان نجاحات عملية بكفاءات عالية المستوى، وتكنولوجيات حديثة، وإحصائيات رقمية دقيقة تعطي المصداقية، وتعيد الثقة للمواطن من خلال بوابة وسيط الجمهورية.