دولة عربية تبتكر خلايا شمسية تتفوّق على نظيراتها في العالم

تكنولوجيا

حققت السعودية إنجازًا علميًا جديدًا يعزز مكانتها في مجال الابتكار الطاقوي، بعد أن قاد فريق بحثي من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) طفرة نوعية في تطوير خلايا شمسية ترادفية سجلت كفاءة تحويل طاقة بلغت 28.7%، وهي النسبة الأعلى عالميًا لهذا النوع من الخلايا.

هذا الإنجاز الذي نُشر في مجلة نيتشر ماتريالز يرسّخ حضور المملكة في سباق التحوّل الطاقوي ويضعها ضمن الدول القليلة القادرة على تحقيق توازن بين الكفاءة العالية والاستقرار طويل الأمد في الخلايا الشمسية.

وركّزت الدراسة على خلايا ثلاثية الوصلات تضم طبقتين من البيروفسكايت وطبقة من السيليكون، إذ نجح الفريق في تجاوز عقبة التحلل الطوري وتحسين ثبات المواد الكهروضوئية باستخدام تركيبات مبتكرة تمنع الفصل الضوئي وتقلل من فقدان الكفاءة.

ويُعد هذا التطور العلمي ثمرة تعاون بين كاوست وجامعتي مرمرة التركية ولودفيغ ماكسيميليان الألمانية، ما يعكس طبيعة الأبحاث السعودية التي باتت ترتكز على شراكات علمية رفيعة المستوى تتجاوز حدود المختبرات المحلية.

ويؤكد الباحث ستيفان دي وولف أن هذه النتائج تمثل “رقمًا قياسيًا جديدًا في الكفاءة والاستقرار”، موضحًا أن الخلايا احتفظت بـ85% من كفاءتها الأصلية بعد 1000 ساعة من الإضاءة المستمرة، وهو مؤشر حاسم على إمكانية تحويل الابتكار إلى تطبيق صناعي مستدام.

كما يعمل الفريق حاليًا على تطوير الخلية الفرعية العلوية عبر تصميمات جديدة ذات فجوة نطاق أوسع لتحسين الامتصاص وتقليل الفاقد الطاقوي، في خطوة من شأنها رفع الكفاءة إلى مستويات غير مسبوقة.

ويشرح المتخصص في الطاقة الشمسية المهندس ناصر صبر أن هذه الخلايا الترادفية تعتمد على دمج أكثر من مادة كهروضوئية مختلفة في خصائصها لتغطية نطاق أوسع من الطيف الضوئي، بحيث تستغل كل مادة جزءًا محددًا من الضوء بكفاءة مثالية.

فبينما تتكفل الطبقة العليا بتحويل الأشعة البنفسجية والضوء الأزرق، تتولى الطبقات السفلى تحويل الأشعة الحمراء وتحت الحمراء، ما يسمح بتحقيق كفاءة تحويل تفوق بكثير الخلايا التقليدية أحادية المادة.

ويضيف صبر أن هذا النوع من الخلايا يشكّل مستقبل الصناعة الشمسية، إذ لا يقتصر دوره على رفع الكفاءة وتقليص التكاليف، بل يساهم أيضًا في خفض المساحات المطلوبة لإنشاء محطات الطاقة الشمسية، وهو عامل حاسم في الدول ذات الكثافة السكانية العالية.

ومن خلال هذا الابتكار، تُعزز السعودية موقعها ضمن الدول الرائدة في مجال التحول نحو الطاقة النظيفة، وتخطو بثبات نحو استراتيجيتها الطاقوية التي توازن بين التطوير العلمي والتطبيق الصناعي.