كشفت تقارير دولية حديثة أن الجزائر تواصل ترسيخ مكانتها كأحد أهم مورّدي الغاز للاتحاد الأوروبي، بعدما بلغت صادراتها نحو 29 مليار متر مكعب خلال الثلاثة أرباع الأولى من السنة الجارية، وفق بيانات صادرة عن مركز التفكير الأوروبي Bruegel اعتماداً على معطيات بلومبرغ وGIE.
ورغم تسجيل انخفاض طفيف يفوق مليار متر مكعب مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إلا أن الجزائر حافظت على دورها المحوري في تلبية احتياجات السوق الأوروبية سواء عبر الغاز المنقول بالأنابيب أو الغاز الطبيعي المسال.
وتصدرت إيطاليا قائمة زبائن الجزائر في الغاز عبر الأنبوب، حيث استقبلت خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025 ما يقارب 14.5 مليار متر مكعب عبر خط ترانسمد، وهو رقم يمثّل 35.5% من حصتها السوقية، بحسب وزارة البيئة والأمن الطاقوي الإيطالية.
ويُعزى التراجع البسيط في إجمالي الصادرات إلى انخفاض الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي، إضافة إلى أعمال الصيانة التي شهدتها أكبر وحدة لإسالة الغاز في الجزائر مطلع 2025.
ورغم المنافسة القوية التي تزداد عاماً بعد عام داخل السوق الأوروبية، خصوصاً مع الارتفاع الكبير في واردات القارة من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، تمكنت الجزائر من الحفاظ على موقعها الاستراتيجي، بخلاف عدد من المورّدين الذين تراجعت حصصهم.
وتشير التحليلات الأوروبية إلى أن الربع الأخير من كل سنة يشهد عادة ارتفاعاً في تدفق الشحنات الجزائرية، بمعدل ثابت يقارب 11 مليار متر مكعب خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يعزز استقرار صادرات الجزائر التي بلغت 41.3 مليار متر مكعب في 2024 و43 مليار متر مكعب في 2023.
وتتوقع المصادر الأوروبية أن يشهد عام 2026 دفعة جديدة في حجم الصادرات الجزائرية، مع دخول ألمانيا ضمن زبائن الغاز الجزائري لأول مرة بكميات تقدَّر بحوالي 4 مليارات متر مكعب سنوياً، الأمر الذي سيعزز حضور الجزائر في واحد من أكبر أسواق الطاقة في العالم.
وتعوّل الجزائر على هذا التوسع من خلال استغلال بنيتها التحتية الاستراتيجية، خاصة أنبوبي ترانسمد وميدغاز، إضافة إلى زيادة قدرات إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتطوير حقول جديدة، في إطار جهودها لمواكبة التحولات العميقة التي يعرفها سوق الغاز الأوروبي والدولي.
وتؤكد هذه المؤشرات أن الجزائر، رغم التحديات، تواصل لعب دور حاسم في تأمين جزء كبير من احتياجات أوروبا من الغاز، في مرحلة تعرف فيها القارة إعادة تشكيل خريطة مورديها واعتمادها المتزايد على مصادر طاقة موثوقة ومستقرة.



