زليكاف ومنطقة التجارة الحرة الإفريقية… كيف يخدمها معرض ITAF؟

تجارة معرض IATF

يعيش قصر المعارض بالجزائر العاصمة منذ يوم أمس على وقع تظاهرة اقتصادية كبرى، حيث انطلقت فعاليات المعرض الإفريقي للتجارة البينية في نسخته الرابعة، وسط حضور دولي واسع ومشاركة مكثفة من المؤسسات الإفريقية.

ويُنظر إلى هذا الحدث كمنصة عملية لدفع مشروع منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (زليكاف)، أحد أكبر مشاريع التكامل الاقتصادي في العالم، من حيز الاتفاقيات إلى واقع ملموس يسهم في رفع المبادلات التجارية بين دول القارة.

وتسعى الجزائر من خلال استضافتها للمعرض الإفريقي للتجارة البينية إلى تأكيد مكانتها كحلقة وصل محورية في مشروع السوق الإفريقية الموحدة. فهي تمتلك موقعًا جغرافيًا فريدًا يجعلها نقطة ارتكاز بين العمق الإفريقي والأسواق الأوروبية والمتوسطية، ما يمنحها قدرة على لعب دور استراتيجي في تعزيز المبادلات التجارية الإقليمية.

وتعزز هذه المكانة شبكة واسعة من البنى التحتية التي طورتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة، من موانئ حديثة ومطارات دولية إلى طرق سريعة وممرات تجارية عابرة للحدود. هذه المنظومة تجعل البلاد منصة لوجستية قادرة على تسهيل تدفق السلع والخدمات عبر القارة، وتختصر المسافات أمام الفاعلين الاقتصاديين الباحثين عن أسواق جديدة.

كما يضفي الحضور المكثف لأكثر من ألفي عارض يمثلون قطاعات متعددة بعدًا عمليًا لهذا الدور، إذ تتحول الجزائر خلال أيام المعرض إلى فضاء جامع يربط مختلف الاقتصادات الإفريقية. وبذلك، تضع نفسها في قلب الجهود الرامية إلى تفعيل منطقة التجارة الحرة القارية، وتمنح للفاعلين فرصة لترجمة الاتفاقيات الموقعة إلى تعاون واقعي يخدم التكامل الاقتصادي الإفريقي.

المعرض كتجسيد عملي لاتفاقيات زليكاف

ورغم أن اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وُقّعت قبل سنوات، إلا أن المبادلات التجارية بين دول القارة لا تزال محدودة ولا تتجاوز 15 بالمائة من حجم التجارة الإجمالية. وهنا يبرز دور المعرض الإفريقي للتجارة البينية كأداة عملية لتحويل النصوص القانونية إلى واقع اقتصادي.

فالمعرض يجمع في فضاء واحد مؤسسات عمومية وخاصة، شركات ناشئة وكبرى، وهيئات تمويلية ومنظمات اقتصادية، بما يتيح عقد لقاءات مباشرة وتفاوضًا سريعًا بين الشركاء. هذا القرب العملي يكسر الحواجز البيروقراطية ويمنح الفاعلين فرصة لتسريع التفاهمات التي غالبًا ما تبقى مجمدة على الورق.

وبذلك يصبح المعرض منصة حقيقية لتجسيد أهداف زليكاف، إذ يفتح المجال لتوقيع عقود وشراكات جديدة، ويخلق ديناميكية تساهم في رفع المبادلات التجارية البينية، بما يدفع مشروع السوق الإفريقية الموحدة خطوات ملموسة إلى الأمام.

فرص استثمارية وتكامل إقليمي واعد

كما لا يقتصر دور المعرض على عرض منتجات أو تبادل بطاقات الأعمال، بل يتعداه إلى توفير فرص استثمارية كبرى عبر صفقات وشراكات يمكن أن تغير خريطة التبادل التجاري في القارة. هذه اللقاءات تمنح المستثمرين نافذة على أسواق جديدة وتسمح بتوسيع النشاط نحو فضاءات لم تُستغل بعد.

كما أن تنوع القطاعات المشاركة، من الزراعة والطاقة إلى التكنولوجيا والثقافة، يعكس تكاملًا اقتصاديًا يمكن استثماره لبناء سلاسل إنتاج إفريقية متكاملة. هذا التنوع يفتح المجال أمام الدول لتبادل المزايا النسبية وتوظيفها في مشاريع مشتركة تعود بالنفع على القارة ككل.

وتمثل هذه الديناميكية فرصة لتجاوز التحديات التقليدية التي عانت منها القارة مثل ضعف البنية التحتية والحواجز الجمركية، عبر حلول جماعية تنبثق من المعرض نفسه. وهكذا يتحول الحدث إلى رافعة أساسية لدفع التكامل الإقليمي وبناء سوق إفريقية واعدة قادرة على المنافسة عالميًا.