مشروع القرن الطاقوي… الجزائر توحّد شبكتها الكهربائية من الشمال إلى الجنوب

طاقة ومناجم

تشكل مشاريع ربط الشبكة الكهربائية بين شمال الجزائر وجنوبها أحد أكبر التحولات الهيكلية التي يشهدها القطاع الطاقوي في البلاد، في إطار ما بات يوصف بـ“مشروع القرن الطاقوي”، الهادف إلى توحيد المنظومة الكهربائية الوطنية وتعزيز الأمن الطاقوي على المدى الطويل.

ويأتي هذا التوجه في سياق سلسلة من التصريحات والقرارات الحكومية المتتالية التي تؤكد أن مسألة الربط الكهربائي باتت جزءًا من رؤية استراتيجية أوسع لتأمين التوازن الطاقوي بين مختلف مناطق الوطن، خاصة مع توسع الاستثمارات الطاقوية في الجنوب وارتفاع الطلب في الشمال.

وفي هذا الإطار، شدد وزير الطاقة والطاقات المتجددة مراد عجال، خلال زيارة ميدانية لولاية غرداية، على أن الجزائر تسعى إلى تجسيد مشروع استراتيجي يتمثل في ربط شمال البلاد بجنوبها عبر شبكة كهربائية تمتد لأكثر من 1600 كيلومتر، يتم إنجازها على مراحل مدروسة، بما يسمح باستيعاب القدرات الإنتاجية الحالية والمستقبلية، خصوصًا في مجال الطاقات المتجددة.

ويُنتظر أن يسمح هذا الربط واسع النطاق بتحسين موثوقية الشبكة الوطنية، وتقليص الفوارق في التزود بالطاقة بين الولايات، إلى جانب دعم المشاريع الصناعية والفلاحية الكبرى في المناطق الجنوبية، التي أصبحت تشكل خزانا استراتيجيا للإنتاج الطاقوي بمختلف أنواعه، من الكهرباء التقليدية إلى الطاقة الشمسية.

ويرى متابعون للشأن الطاقوي أن هذا المشروع يعكس تحولًا نوعيًا في تصور الدولة للبنية التحتية، حيث لم يعد الربط الكهربائي مجرد استجابة لحاجيات آنية أو موسمية، بل أداة تخطيط استراتيجي تواكب التوسع الكبير في محطات الإنتاج الجديدة، وتدعم الانتقال التدريجي نحو نموذج طاقوي أكثر استدامة وتكاملا.

كما يندرج هذا المسار ضمن رؤية أشمل تهدف إلى تثبيت مكانة الجزائر كقطب طاقوي إفريقي، قادر على تأمين احتياجاته الداخلية بكفاءة عالية، وتهيئة الشروط التقنية واللوجستية للاندماج مستقبلا في شبكات إقليمية أوسع، في ظل التحولات الجيوطاقوية العالمية وتزايد أهمية أمن الطاقة.