مشروع السكة الحديدية الأغواط – تمنراست: نحو ربط الجزائر من الشمال إلى الجنوب

تقرير

أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الأحد 9 مارس 2025، بالشروع الفوري في تنفيذ مشروع خط السكة الحديدية الرابط بين الأغواط وتمنراست.

هذا المشروع، الذي يُعد جزءًا من الخطة الطموحة لربط مختلف مناطق البلاد بشبكة نقل متطورة، يهدف إلى تسهيل حركة الأفراد والبضائع، وتعزيز التنمية الاقتصادية في المناطق الجنوبية، خاصة وأنه سيشكل محورًا رئيسيًا في منظومة النقل الوطني.

الرئيس تبون شدد على ضرورة إنجاز المشروع في أقرب الآجال نظرًا لانعكاساته الإيجابية على الاقتصاد الوطني ودوره في ربط الجنوب بالمناطق الشمالية بشكل أكثر سلاسة وفعالية، مما يحقق توازنًا في التنمية بين مختلف الولايات.

مشروع على مسافة تزيد عن ألفي كيلومتر

المشروع يمتد على مسافة تقدر بحوالي 2,006 كيلومترات، حيث يربط العاصمة بتمنراست عبر عدة ولايات رئيسية، مما يجعله واحدًا من أطول مشاريع السكك الحديدية في الجزائر.

وقد تم تقسيمه إلى عدة مقاطع لتسهيل إنجازه بشكل تدريجي، تشمل الجلفة – الأغواط، الأغواط – غرداية، غرداية – المنيعة، المنيعة – عين صالح، وعين صالح – تمنراست، بحيث يضمن هذا التقسيم التنفيذ السريع مع مراعاة الطبيعة الجغرافية لكل منطقة.

وبعد اكتماله، من المتوقع أن يسمح القطار بقطع المسافة بين العاصمة وتمنراست في ظرف 12 ساعة و37 دقيقة، مما يعد تحسنًا كبيرًا مقارنة بالرحلات البرية الطويلة والمتعبة.

ووفقًا للتقارير، فإن الخط سيتم تصميمه وفق معايير حديثة، حيث ستصل سرعة القطارات إلى 220 كلم/ساعة لنقل الركاب، و100 كلم/ساعة لنقل البضائع، مما يعزز من كفاءته في خدمة مختلف القطاعات الاقتصادية.

بداية التنفيذ.. السنة الجارية 2025

وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، لخضر رخروخ، أكد أن المشروع سيبدأ تنفيذه خلال السنة الجارية 2025، حيث ستنطلق الأشغال بالمقطع الرابط بين بوغزول وقصر البخاري خلال الأيام المقبلة.

هذا الإعلان يعكس التزام الحكومة بتجسيد المشروع على أرض الواقع دون تأخير، حيث يمثل خط السكك الحديدية الجديد وسيلة حيوية لدعم النشاط الاقتصادي في الجنوب، عبر تسهيل نقل المنتجات الزراعية والصناعية وربط المستثمرين بالأسواق الوطنية والدولية.

الوزير أشار إلى أن هذا المشروع سيكون ركيزة أساسية في تعزيز التنمية، خاصة في ظل سعي الجزائر لاستغلال مواردها في الجنوب بشكل أكثر كفاءة.

تكلفة المشروع

ومن الناحية المالية، لم تُحدد بعد التكلفة النهائية للمشروع، إلا أن تقديرات غير رسمية تشير إلى أن الكلفة قد تصل إلى 7 مليارات دولار، وربما تصل إلى 10 مليارات دولار عند احتساب تكاليف المحطات والصيانة.

ويُنتظر أن يتم تمويل المشروع من الميزانية العامة للدولة، مع إمكانية اللجوء إلى شراكات دولية لضمان تنفيذ المشروع وفق أفضل المعايير.

هذا المشروع، الذي يُعد استثمارًا استراتيجيًا، يعكس رؤية الدولة نحو تطوير قطاع النقل، حيث أشار وزير الأشغال العمومية إلى أن شبكة السكك الحديدية ستلعب دورًا رئيسيًا في تحسين منظومة النقل ودعم الاستثمارات الكبرى في المناطق الجنوبية.

تحديات متعددة

رغم الإمكانيات الكبيرة التي يوفرها المشروع، إلا أن تنفيذه يواجه تحديات متعددة، أبرزها الظروف المناخية القاسية في الجنوب، حيث تتطلب المناطق الصحراوية بنية تحتية متينة لحماية السكك الحديدية من العوامل الطبيعية، إضافة إلى التحديات المرتبطة بتوفير العمالة المؤهلة والتجهيزات التقنية اللازمة.

لكن هذه التحديات لم تمنع الحكومة من الدفع بالمشروع إلى الأمام، حيث يمثل هذا الخط خطوة رئيسية نحو تقليص الفجوة بين الشمال والجنوب، وتسهيل حركة المواطنين وتقليل الاعتماد على الطرق البرية المرهقة.

ومع انطلاق الأشغال خلال هذا العام، يبقى هذا المشروع من بين أهم المبادرات التنموية التي تعكس توجه الجزائر نحو بناء بنية تحتية قوية تخدم جميع مناطق البلاد وتحقق التنمية المستدامة.