شهد النصف الأول من عام 2025 تراجعا لافتا في قيمة عدد من العملات أمام الدولار الأمريكي، وسط تحديات اقتصادية متباينة تعصف ببعض الأسواق الناشئة. وحسب بيانات نشرها “بلومبرغ” واعتمدها معهد التمويل الدولي، فإن الدينار الليبي جاء في صدارة العملات الأسوأ أداء، إلى جانب عملات دول أخرى تعاني من أزمات مالية أو سياسية.
وفقا للتقرير، تراجع البيزو الأرجنتيني بنسبة 14.43% أمام الدولار، ليكون الأسوأ أداءً على الإطلاق خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية. ويأتي هذا التراجع نتيجة استمرار الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الأرجنتين، حيث تعاني البلاد من معدلات تضخم مرتفعة، وعجز مالي مزمن، إضافة إلى ضغوط خارجية متزايدة على احتياطاتها من العملة الصعبة.
أما الليرة التركية، فقد سجلت تراجعا بنسبة 11.3%، متأثرة باستمرار حالة عدم اليقين في الأسواق المالية، والتضخم المرتفع، والسياسات النقدية التي ما زالت تثير جدلا داخليا وخارجيا. وتأتي هذه الخسارة رغم محاولات الحكومة التركية لطمأنة الأسواق عبر تدخلات دورية في سوق الصرف.
في المركز الثالث، حلّ الدولار الليبيري الذي فقد 9.21% من قيمته أمام الدولار الأمريكي. ويُعزى ذلك إلى هشاشة البنية الاقتصادية في ليبيريا، وتراجع ثقة المستثمرين، وضعف الاحتياطات الأجنبية، فضلا عن تدهور أسعار بعض صادرات البلاد الرئيسية.
ومن جهة أخرى، سجّل الدينار الليبي انخفاضا بنسبة 9.1%، ليكون رابع أسوأ العملات أداءً في العالم خلال النصف الأول من السنة. ويعكس هذا التراجع استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والانقسام المالي في ليبيا، إلى جانب تأثيرات تراجع الإنتاج النفطي وغياب السياسات الاقتصادية الفعالة.
أما الشلن التنزاني، فقد سجل بدوره تراجعًا بنسبة 7.97%، وهو ما يُعزى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع تكاليف الاستيراد، لا سيما في ظل تقلبات أسعار المواد الأولية التي تعتمد عليها البلاد بشكل كبير.
وتعكس هذه المؤشرات حجم الضغوط التي تواجهها بعض الاقتصادات النامية في محاولاتها للسيطرة على أسعار الصرف، وسط بيئة دولية غير مستقرة، تتميز بتقلب أسعار الطاقة والغذاء، وتغير السياسات النقدية في الاقتصادات الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي ظل هذا المشهد، تتجه أنظار الأسواق إلى النصف الثاني من العام، حيث ينتظر أن تلعب السياسات النقدية، والاستقرار السياسي، ومستوى التدفقات الاستثمارية، دورًا حاسمًا في تحديد مسار هذه العملات.