أكبر 5 مناجم حديد في الدول العربية… غار جبيلات في الصدارة

تقرير

في عالم تتزايد فيه أهمية الموارد الطبيعية وتحتدم فيه المنافسة العالمية على مصادر الطاقة والمعادن، تبرز المنطقة العربية كخزان ضخم للثروات المعدنية، وعلى رأسها خام الحديد. وتشير الإحصائيات إلى وجود خمسة من أكبر مناجم الحديد في العالم العربي، تتوزع بين الجزائر، ليبيا، موريتانيا، مصر، والسعودية، وتشكل ركيزة أساسية في مساعي هذه الدول لتعزيز صناعتها الثقيلة وتحقيق الاكتفاء الذاتي. ويأتي منجم “غار جبيلات” في الجزائر في المرتبة الأولى عربيا، بحجم احتياطي ضخم يفتح آفاقا اقتصادية واعدة للبلاد.

الجزائر – منجم غار جبيلات (3.5 مليار طن من خام الحديد)

يقع منجم غار جبيلات في أقصى جنوب غرب الجزائر، وتحديدا بولاية تندوف، ويُعد من أضخم المناجم على المستوى العربي وحتى العالمي، باحتياطي يقدر بـ3.5 مليار طن من خام الحديد. ورغم اكتشافه منذ خمسينيات القرن الماضي، فإن الانطلاقة الفعلية نحو استغلاله لم تبدأ إلا في السنوات الأخيرة، في ظل التوجه السياسي الجديد نحو تنويع مصادر الدخل الوطني وتحرير الاقتصاد من التبعية للمحروقات.

الرهان الجزائري على هذا المشروع كبير، إذ يُعوَّل عليه ليكون محرّكا حيويا للصناعة التحويلية الثقيلة وقطاع التعدين. وتم الشروع في عمليات الاستغلال التجريبي سنة 2022، ضمن شراكة مع مؤسسات صينية، في إطار رؤية شاملة لتحويل الجزائر إلى مركز صناعي ومعدني إقليمي.

يمثل غار جبيلات فرصة إستراتيجية لتعزيز الأمن الصناعي في الجزائر، كما يُنتظر أن يساهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب تعزيز البنية التحتية لجنوب البلاد، بما في ذلك الطرق وخطوط السكة الحديدية الخاصة بنقل الخام.

ليبيا – منجم وادي الشاطئ (1.6 مليار طن من خام الحديد)

يأتي منجم وادي الشاطئ في ليبيا في المرتبة الثانية عربيا، ويقع في الجنوب الليبي، وتحديدا في منطقة سبها. ويضم احتياطيا يقدّر بـ1.6 مليار طن من خام الحديد، ما يجعله ثروة ضخمة غير مستغلة بالشكل المطلوب حتى الآن، نظرا للوضع السياسي والاقتصادي غير المستقر في البلاد.

يمثل هذا المنجم فرصة واعدة للنهضة الصناعية الليبية في المستقبل، خاصة إذا ما توفرت البيئة الملائمة للاستثمار الأجنبي والمحلي. ويعد تطوير هذا المنجم ركيزة مهمة في جهود إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.

في حال تأمين الاستقرار وتوفير بنى تحتية حديثة، يمكن أن يتحول منجم وادي الشاطئ إلى نقطة جذب رئيسية للصناعات الثقيلة، والمساهمة في إعادة إحياء قطاع التعدين الليبي المتعثر.

موريتانيا – منجم أتُوماي (500 مليون طن من خام الحديد)

منجم أتُوماي يُعد من أبرز ثروات موريتانيا المعدنية، ويحتل المرتبة الثالثة عربيا من حيث حجم الاحتياطي الذي يصل إلى نحو 500 مليون طن من خام الحديد. ويمثل هذا المنجم جزءاً من البنية الاقتصادية للبلاد، حيث تعتمد موريتانيا بدرجة كبيرة على صادرات الحديد.

تدير الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (SNIM) عمليات الاستغلال، وهي من أكبر المؤسسات الاقتصادية في البلاد، وتساهم بشكل مباشر في الناتج المحلي الإجمالي. ويشكّل هذا المنجم قاعدة للصناعات التصديرية التي توجه أساسا إلى أوروبا والصين.

إلا أن تحديات البنية التحتية والطلب العالمي المتقلب تجعل من الضروري تطوير آليات حديثة للاستغلال والنقل والتصنيع لرفع القيمة المضافة محليا وتحقيق أقصى استفادة من هذه الثروة الوطنية.

مصر – منجم الجديدة (134 مليون طن من خام الحديد)

يُعد منجم الجديدة في مصر رابع أكبر منجم حديد في العالم العربي، باحتياطي يقدر بنحو 134 مليون طن. ويقع في منطقة الواحات، ويُعتبر أحد مصادر خام الحديد المحلي التي تغذي الصناعات المصرية، وعلى رأسها مصانع الحديد والصلب.

يساهم المنجم في تقليص التبعية للواردات، ويمنح قطاع البناء والتشييد المصري مادة أولية حيوية بأسعار أقل من نظيرتها المستوردة. كما يتم العمل على تطوير آليات الإنتاج وربطها بخطط التوسع الصناعي في البلاد.

تمثل هذه الموارد ركيزة للتنمية الصناعية في مصر، وخاصة في ظل ما تشهده من طفرة في مشاريع البنية التحتية والمدن الجديدة، ما يزيد من الطلب على الحديد ويدفع الدولة لتأمين مواردها المحلية.

السعودية – منجم وادي الصواوين (84 مليون طن من خام الحديد)

يُصنّف منجم وادي الصواوين، الواقع في منطقة المدينة المنورة، ضمن أبرز مناجم خام الحديد في السعودية، باحتياطي يقدر بـ84 مليون طن. وقد تم اكتشاف هذا المنجم ضمن جهود المملكة لتطوير قطاع التعدين ضمن رؤية السعودية 2030.

تعمل المملكة على تعزيز الاستثمار في قطاع المعادن، باعتباره أحد القطاعات البديلة للنفط. ويعد هذا المنجم جزءا من خطة تنويع الاقتصاد الوطني، وتطوير سلسلة التصنيع التعديني بما يخدم السوق المحلي ويُمهّد للتصدير.

يُنتظر أن يساهم منجم وادي الصواوين في دعم مشاريع الصناعات المعدنية، وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى تقوية سلاسل القيمة في القطاع الصناعي، خصوصا في ظل التقدم الكبير في سياسات التعدين والحوكمة البيئية بالمملكة.