تُعد شركة سوناطراك العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، حيث تلعب دورًا محوريًا في تأمين الموارد المالية للدولة وتعزيز حضور الجزائر في الأسواق العالمية للطاقة، خاصةً في قطاع الغاز الطبيعي المسال.
منذ تأسيسها عام 1963، قادت الشركة مسار تطوير صناعة النفط والغاز، مما جعلها من بين أكبر الفاعلين في هذا المجال على المستوى الدولي.
وتُعتبر صادرات الغاز الطبيعي المسال أحد أهم مصادر الدخل لسوناطراك، إذ تسهم بشكل مباشر في دعم ميزانية الدولة من خلال تأمين تدفقات ثابتة من العملة الصعبة، وهو ما يعزز الاستقرار الاقتصادي للبلاد.
وإلى جانب دورها في استخراج وإنتاج الطاقة، تواصل سوناطراك الاستثمار في توسيع قدراتها التخزينية والتسييلية للغاز الطبيعي، مما يعزز موقعها كمورد استراتيجي للأسواق العالمية، خصوصًا أوروبا التي تعتمد بشكل متزايد على الغاز الجزائري.
وبفضل شبكتها الواسعة من محطات التسييل وموانئ التصدير، تعمل الشركة على ضمان إمدادات مستقرة، مستفيدة من موقع الجزائر الجغرافي القريب من الأسواق الرئيسية. كما أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تطوير البنية التحتية للغاز المسال، مما يمكنها من تلبية الطلب المتزايد محليًا ودوليًا، ودعم مشاريع التنمية الاقتصادية في مختلف القطاعات.
قدرات تخزين الغاز المسال تعزز مكانة سوناطراك عالميًا
وفقًا للبيانات الحديثة، تحتل سوناطراك الجزائرية المرتبة الخامسة عالميًا من حيث سعة التخزين التشغيلية للغاز الطبيعي المسال، والتي تبلغ 25.3 مليون طن سنويًا. هذه السعة تجعلها واحدة من الشركات الكبرى في هذا المجال الحيوي، مما يعزز من قدرة الجزائر على لعب دور رئيسي في أسواق الطاقة العالمية، خصوصًا مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال في مناطق مثل أوروبا وآسيا.
على رأس القائمة تأتي شركة “قطر للطاقة” بقدرة تخزين تشغيلية تصل إلى 55.8 مليون طن سنويًا، لتحتل بذلك المرتبة الأولى عالميًا. وتعكس هذه السعة الكبيرة استثمارات قطر المستمرة في تطوير بنيتها التحتية الطاقوية وتعزيز مكانتها كمصدر رئيسي للغاز الطبيعي المسال في العالم.
ويليها في الترتيب شركة “تشينيري إنرجي” من الولايات المتحدة، والتي تمتلك سعة تخزين تبلغ 44.5 مليون طن سنويًا، مما يجعلها أحد أهم اللاعبين في السوق الأمريكي والدولي، خاصةً مع النمو المتسارع لصادرات الولايات المتحدة من الغاز.
في المرتبة الثالثة، تأتي شركة “شل” الهولندية بسعة تخزين تبلغ 37.6 مليون طن سنويًا. تُعتبر شل من الشركات الرائدة عالميًا في مجال الطاقة، وتمتد عملياتها إلى مختلف أنحاء العالم، مما يتيح لها الاستفادة من أسواق متعددة.
وتليها “بتروناس” الماليزية في المركز الرابع، حيث تبلغ سعة التخزين لديها 29.6 مليون طن سنويًا، ما يؤكد على دور ماليزيا كمنتج رئيسي في منطقة جنوب شرق آسيا.
تشمل القائمة أيضًا شركات أمريكية أخرى مثل “إكسون موبيل” التي تحتل المرتبة السادسة بسعة 22.0 مليون طن سنويًا، و”شيفرون” في المركز السابع بسعة 17.8 مليون طن سنويًا.
وتظهر “توتال إنرجيز” الفرنسية في المرتبة الثامنة بسعة تخزين تبلغ 17.2 مليون طن سنويًا، مما يعكس اهتمام فرنسا بالاستثمار في هذا القطاع الحيوي. تأتي بعد ذلك شركة “بي بي” البريطانية بسعة 13.5 مليون طن سنويًا، تليها “فينشر جلوبال إل إن جي” من الولايات المتحدة بسعة 12.1 مليون طن سنويًا، وهي الشركة التي تختتم القائمة.
ويعكس هذا الترتيب التنافس الشديد في سوق الغاز الطبيعي المسال، حيث تستحوذ الشركات القطرية والأمريكية على المراكز الأولى، بينما تبرز شركات مثل سوناطراك ضمن أهم اللاعبين في هذا السوق العالمي، مما يعزز مكانة الجزائر كمصدر موثوق للطاقة.
التنافسية العالمية ترسم ملامح مستقبل سوناطراك
ورغم المنافسة الشرسة في أسواق الطاقة، تواصل سوناطراك تنفيذ استراتيجيات لتعزيز قدرتها التنافسية، من خلال تطوير مشاريع جديدة لزيادة الإنتاج وتحسين كفاءة التكرير والتسييل.
وتسعى الجزائر إلى تعزيز استثماراتها في قطاع الغاز، خاصة بعد ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال نتيجة الأزمات الجيوسياسية، مثل تداعيات الحرب في أوكرانيا.
ومع توسع سوق الغاز العالمي، تُعد سوناطراك من اللاعبين الرئيسيين في تزويد أوروبا بالغاز، حيث توفر بدائل موثوقة لمصادر الطاقة التقليدية. كما تعمل الجزائر على تعزيز شراكاتها مع مستوردين جدد في آسيا وإفريقيا لضمان أسواق مستدامة لصادراتها.
آفاق النمو وفرص الاستثمار تعززان قطاع الغاز الجزائري
ويُشكل قطاع الطاقة في الجزائر نقطة جذب رئيسية للمستثمرين الدوليين، حيث تسعى الحكومة إلى تشجيع الاستثمارات الأجنبية في مشاريع الغاز الطبيعي المسال والبنية التحتية المرتبطة به.
وتعمل سوناطراك على تنفيذ خطط طموحة لتوسيع طاقتها الإنتاجية من خلال مشاريع جديدة، مثل تطوير الحقول الغازية في الجنوب وتعزيز البنية التحتية لنقل الغاز نحو أوروبا. كما أن التحول نحو الطاقات النظيفة والغاز الطبيعي المسال كبديل للطاقة التقليدية يفتح آفاقًا جديدة أمام الجزائر لتعزيز مكانتها كمصدر موثوق وصديق للبيئة.
ومع استمرار الجزائر في تحسين بيئة الأعمال وتحديث التشريعات الخاصة بالاستثمار، يُتوقع أن تستمر سوناطراك في لعب دور ريادي في تأمين احتياجات الأسواق الدولية، مما يعزز مكانة الجزائر كقوة طاقوية في المنطقة والعالم.